للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١١٠٨ - فإن كان على بدنه نجاسة لا يُعفى عنها، لا تصح صلاته، وإن كان حاملاً نجاسة، لا تصح صلاته، فإن حمل حيواناً طاهر العين، جاز، ولا حكم للنجاسات التي يحتوي عليها جوفُه. نعم منفذ ذلك الطائر قد لاقته النجاسة البارزة منه، وذلك جزء ظاهر نجس. فمن أئمتنا من قال: يُعفى عن هذا القدر إذا لم تكن النجاسة باديةً. ومنهم من جرى على القياس، ومنع صحة الصلاة.

فعلى هذا قالوا: إذا اقتصر الرجل على الأحجار في الاستنجاء، فالأثر اللاصق بمحل النجو نجس، ولكنه نجس معفوٌّ عنه في حق المستنجي، فلو حمل مصل هذا الشخصَ في صلاته، ففي صحة صلاته وجهان: أحدهما - الصحة؛ فإن الأثر معفو عنه، ولا حكم له.

والثاني - أنه لا يصح؛ فإن العفو مختص بالمستنجي، فلا يتعدى إلى الحامل، والخلاف في المقتصر على الأحجار أظهر، من جهة أن الشرع طهَّر أثرَه بالعفو عما به، ولم يُطَهِّر ذلك في الحيوانات المحمولة، فالوجه القطع فيها بالمنع.

١١٠٩ - ولو حمل المصلي بيضة مَذِرةً، حشوها دمٌ، فقد اختلف أصحابنا فيه، فمنهم من قال: النجاسة المستترة بالقيض (١) لا حكم لها؛ فإنها مستترة استتار خلقة، فأشبه النجاسات الكائنة في جوف الحيوان المحمول.

ومنهم من قال: حكمها حكم النجاسة البادية؛ فإن نجاسة الحيوان تدرأ حكمها حياةُ ذي الروح، وللحياة أثر في دفع النجاسات، والبيضة جماد.

وهذا الخلاف يجري فيمن حمل عنقوداً، قد استحال باطن حباته خمراً، ولكنها مستترة بالقشور من غير رشحٍ.

ولو حمل المصلي قارورة مُصَمَّمَة الرأس فيها نجاسةٌ، فظاهر المذهب أن صلاته تبطل؛ فإن هذا الاستتار ليس من جهة الخلقة، وخرّج ابن أبي هريرة (٢) ذلك على


(١) القيض: القشرة العليا على البيضة. (معجم).
(٢) ابن أبي هريرة: الإمام القاضي أبو علي الحسن بن الحسين، تففه على ابن سريج، وأبي إسحاق المروزي، وشرح المختصر. ت ٣٤٥ هـ (طبقات السبكي ٣/ ٢٥٦، البداية والنهاية: =