للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما التشهد، فالمنقول فيه يشير إلى اتباع ضبط:

فأما الاقتصار على تشهد واحد (١ فمحمول على محاولة الفرق بينها وبين صلاة المغرب، وأما الإتيان بتشهدين ١)، فمحمول على تشبيهها بصلاة المغرب، وليس فيها ما يتضمن الخروج عن الضبط بخلاف أعداد الركعات.

ثم اختلف أئمتنا: فالذي ذكره المعتمدون أن ما ذكرناه من التشهدين، والتشهد الواحد كلاهما سائغان؛ لصحة الرواية فيهما جميعاًً عن عائشة رضي الله عنها.

وفي بعض التصانيف أن من أصحابنا من لم ير [غير] (٢) الاقتصار على تشهد واحد في [الآخر] (٣)، واعتقدَ أن ما روي عن التشهدين إنما جرى على التفصيل، فكان يصلي أربعاً بتسليمة، ثم ركعة بتسليمة، فيقع تشهدان، وكذلك ما كان يزيد في


(١) ما بين القوسين سقط من (ت ٢).
(٢) هذه الزيادة تقدير منا لاستقامة العبارة. وقد أعيانا تقويمها، فمن عجبِ أن تتفق النسخ الخمس على هذا الخلل. ويبدو أن أصل عبارة المؤلف رحمه الله كانت هكذا: "من أصحابنا من لم ير إلا الاقتصار على تشهدِ واحد" فكانت عين الناسخ لا تستوعب أو لا تقبل وجود هذا التتابع [إلا الا] فيسبق الوهم إلى أنه تكرار.
وقد قطعت أخيراً بهذا عندما وجدت النووي حكى هذا الكلام عن إمام الحرمين قائلاً: وحكى الفوراني وإمام الحرمين وجهاً أنه لا يجوز الوتر بتشهدين، بل يشترط الاقتصار على تشهد واحد، وحمل هذا القائل الأحاديث الواردة بتشهدين على أنه كان يسلم في كل تشهد.
قال الإمام، وهذا الوجه رديء لا تعويل عليه" ا. هـ بنصه (ر. المجموع: ٣/ ١٢).
وهذا كما ترى نفس كلام إمام الحرمين، يقرب من حروفه. رضي الله عنهما. وألهمنا الصواب.
وتأكد هذا أيضاً بما ثبت عندنا من المقصود بقول إمام الحرمين: "بعض التصانيف"، " بعض المصنفين " إنما يقصد به (الفوراني).
والآن حقت علينا سجدة الشكر؛ فقد جاءتنا (ل)؛ ووجدنا عبارتها: "وفي بعض التصانيف أن من أصحابنا من لم ير إلا الاقتصار على تشهد واحد في الآخر" وهذا بعينه هو التقدير الذي قدرتُه، وفسرتُ به خطأ الناسخ؛ فالحمد لله حمداً يوافي نعمه، ودائما وأبداً نلوذ بحوله وقوته، ونبرأ من حولنا وقوتنا، ونسأله أن يقيض لنا من أهل العلم والصلاح من ينظر في عملنا هذا بعين الإنصاف، ويجعل جزاءنا منه دعوة بخير.
(٣) في الأصل، (ط)، (ت ١): "الإجزاء"، والمثبت من (ت ٢)، وصدقتها (ل).