للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإنهم وإن أظهروا الجماعة، لا يحصل بهم ظهور الشعار، وقد ذكرنا أن الإنسان في نفسه لصلاته لا يتعرض لهذا الفرض، وإنما المرعيّ فيه أمرٌ كليٌ عائد إلى شعائر الإسلام، فهذا ما أردناه في ذلك.

١١٦٨ - ثم كثرة الجَمْع مرغوب فيها، وقد روينا الخبر الدّالّ عليه، وقد روي أنه صلى الله عليه وسلم قال: "من صلى مع واحد كان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيء، ومن صلى مع اثنين، فإنه له مثل أجرهما من غير أن ينقص من أجرهما شيء" (١)، وحيثما كثرت الجماعة فهو أفضل.

ولو كان بالقرب من منزل الإنسان مسجد ولو تعداه، لتعطّل، ولو أقام فيه الشعار، لقامت الجماعة بسببه، فهو أولى من قصد الجماعة الكثيرة، وإن كان المسجد لا يتعطل بسبب تعديه عنه ومجاوزته، فالمذهب أن فضل الجماعة الكثيرة أولى.

وذكر بعض أصحابنا أن رعاية حق الجوار لذلك المسجد أولى، وذلك غير سديد؛ فإن صح النقل فيه، فسببه أنه قد يخطر قصد الجماعة الكثيرة لغيره، فيؤدي ذلك إلى تعطيل المسجد، ولعل ذلك في مسجد السكة، فأما إذا كان على طريقه، وكان أقرب من المسجد المشهود، فلا ينقدح الوجه الضعيف في هذه الصورة.

فصل

١١٦٩ - يجوز ترك الجماعة بالمعاذير، وهي تنقسم إلى أعذار عامة، وإلى أعذار خاصة.

فالعامة: كالمطر وما في معناه، وذكر بعض المصنفين في الوحل خلافاً؛ من حيث إنه يتأتى الاستعداد له. والأظهر أنه عذر؛ فإن في التخطي فيه عسراً ظاهراً، وهذا إذا لم يتفاحش. والرياحُ الشديدة أعذار بالليل، وليست أعذاراً بالنهار.


(١) لم نصل إلى هذا الحديث مع طول بحثنا في مظانه المختلفة.