للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١١٧٠ - والأعذار الخاصة: كالمرض، وتمريضِ مريض يعتني به الإنسان، وفي تركه إضرار.

ومنها قيام الإنسان على مالٍ، لو تُرك، لضاع، أو خيف في تركه ضَياعُه.

وذكر بعض الأئمة من الأعذار أن يكون مديوناً معسراً، وقد لا يصدقه مستحق الدين فيحبسه، فله أن يتخلف لذلك.

ومنها أن يكون قد استوجب القصاص، ولو ظفر به مستحقه، لقتله، ولو غيّب وجهه، رجا أن يعفوَ عنه إذا سكن غليلُه، فقد جوز الشافعي التخلف بهذا.

١١٧١ - وهذا فيه إشكال عندي؛ من حيث إن سبب التزام القصاص أكبر الكبائر بعد الردة، فكيف يستحق أن يخفف عنه، ويجوَّز له تغييب الوجه عن مستحق القصاص؟ وهذا غامض، وإن لم يتخلف عن الجماعة. ولعل السبب فيه تعرّض القصاص للشبهة؛ فإن مستحق القصاص مندوب إلى العفو في نص كتاب الله عز وجل، فلا يبعد أن يسوغ لمن عليه القصاص أن يُغيِّب وجهَه إذا كان يرتجي عفواً، ولسنا نلتزم الآن في كتاب الصلاة البحثَ عن هذه [المعاصات] (١).

وقد سمعت شيخي يذكر فصل القصاص كذلك في كتاب الجمعة، وكان يحكي عن نص الشافعي جوازَ التخلف عن الجمعة لمن عليه القصاص، كما ذكرناه، ولم أر في هذا خلافاً، والذي ذكرتُه الآن نَقَله بعض المصنفين.

ومنشأ هذا الإشكال جواز الامتناع من مستحِق الدم، فإن ثبت هذا، لم يخفَ بعده جوازُ ترك الجماعة والجمعة.

وأنا بعون الله تعالى أعود في كتاب الجمعة إلى تفصيل المعاذير، ولعلّي ثَمّ أذكر ما فيه شفاء الغليل.

١١٧٢ - ثم مما قد صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر مُناديه في الليلة


(١) في الأصل، و (ت ١) المغاغات، ولم أجد لها معنى، والمعهود في كلام إمام الحرمين: المعوصات، والمعاصات بالصاد. فلذا اخترنا ما جاء في (ت ٢) على أنها أدنى عندي من (ت ١)، ومن الأصل. وأما (ل)، فجاءت بتحريف ظاهر: "المغاصات".