للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١١٨٣ - ثم إن قلنا: إن الانتظار لا يُبطل ولا يكره، فقد تردد جواب شيخي في أنه هل يُستحب إذا انتهى التفريع إلى هذا؟ والوجه عندي القطع بأنه لا يستحب، بل يعارض توقِّي التطويلَ على الأولين السعيُ في تحصيل ركعةٍ في الجماعة للداخل، فيقتضي تعارضهما جوازَ الانتظار من غير كراهية.

ثم ذكر الصيدلاني: "أن الاختلاف فيه إذا كان لا يطوّل على السابقين، وهذا موضع التأمل؛ فإنه لو لم يطوّل الركوعَ الذي هو فيه، لم يحصل للانتظار تصوّر، حتى يفرض التردد فيه، وإن طول الركوع، وزاد على المعتاد فيه، فقد حصل التطويل".

فالذي أراه في ذلك أنه إذا طوّل ركوعاً واحداً تطويلاً لو فُضَّ (١) ووزعِّ على جميع الصلاة، لما ظهر في كل الصلاة أثرٌ في التطويل محسوس، ولكن كان يظهر في الركن الذي فرض فيه الانتظار، فهذا موضع القولين.

وإن كان التطويل بحيث يظهر على كل الصلاة. ظهوراً محسوساً، فهذا يمتنع عند الصيدلاني قولاً واحداً، وهذا حسن بالغ، ولا وجه إلا ما ذكره.

١١٨٤ - والذي يليق بتحقيق هذا: أنا إذا كنا نقول: الانتظار لا يبطل الصلاة على أحد القولين، ويُبطل على القول الثاني، فقطعُنا القولَ بمنع التطويل في الصورة التي ذكرناها لا يوجب قطعاً بالبطلان؛ فإن سبب القطع بالمنع ألا يُطَوِّل على السابقين، وهذا أدبٌ، وليس من مبطلات الصلاة، والذي يقتضيه ما ذكره أنه لو انتظر مرة، أو مرتين، فقد يخرج على القولين إذا كان لا يظهر أثر التطويل في جميع الصلاة، وإن كان ينتظر في كل ركعة، فقد يجر ذلك القطعَ بالمنع، لإفضائه إلى التطويل إذا جمع، ونزّل ذلك منزلة الإفراط في تطويل ركوع واحد.


(١) فُض: أي قسّم.