للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

فيمن يصح الاقتداء به

١١٨٥ - القياس الظاهر يقتضي أن يقال: من تصح صلاتُه في نفسه، يصح اقتداء الغير به، ولا يقع الاكتفاء بأن يكون المصلِّي مأموراً بصلاته؛ فإنه إذا كان يقضيها، فلا يصح اقتداء من تصح صلاته من غير أمر بالقضاء به، وهذا القياس يجري مطرداً على مذهب الشافعي إلا في موضعين، فنذكر طرد القياس أولاً بالأمثلة، فنقول: يصح اقتداء المتوضىء بالمتيمم الذي لا يقضي الصلاة، ويجوز اقتداء الكاسي بالعاري، إذا كان لا يجب القضاء على العاري، فإن لم يجد المرء ماءً ولا تراباً، وقلنا: إنه يصلي في الوقت ويقضي، فلا يصح اقتداء المتوضىء به، ولا اقتداء المتيمم الذي لا يقضي.

١١٨٦ - فأما ما هو مستثنى عن القياس الذي طردناه، فشخصان أحدهما - المرأة. لا يجوز اقتداء الرجل بها أصلاً، وإن كانت صلاتها صحيحةً، وهذا تعليله مشكل، ولكنه متفق عليه، لا نعرف فيه خلافاً، ولو قيل: الإمام يحتاج إلى تبرج وبروز، ولا يليق بمنصب النساء، لم يكن بعيداً، ولكن لا يقتدي الرجلُ بزوجته، وبأخته في داره، فلعل المرعيَّ في الإمامة كمال، وليست المرأة أهلاً له.

ولا خلاف أن المرأة يجوز أن تكون إمامةً، لامرأة أو نسوة، فهي إذاً على الجملة من أهل الإمامة، وإنما يمتنع على الرجال الاقتداء بالنساء.

ويمتنع اقتداء الرجل بالخنثى المشكل، ولو اقتدى، لزمه القضاء، ولو لم يتفق منه القضاء حتى بان الخنثى رجلاً، ففي وجوب القضاء قولان: أحدهما - لا يجب؛ لأنه قد تبين أنه اقتدى برجل.

والثاني - يجب؛ فإنه فى عقد صلاته خالف الأمر، وقد ألزمناه القضاء ظاهراً لذلك، فلا ينقض ما مضى؛ لأن التحرم والعقد كان على ظاهر البطلان.

والخنثى لا يقتدي بامرأة؛ لجواز أن يكون رجلاً، فلو اقتدى بامرأة، فألزمناه