للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١١٨٨ - احتج للقديم بأن صلاته صحيحة، وهو من أهل التبرج (١)، احترازاً عن المرأة، فأشبه القارىء، واحتج المزني لما اختار هذا القول بأن اقتداء القائم بالقاعد العاجز عن القيام صحيح، وكذلك اقتداؤه بالمريض المومىء، وكذلك اقتداء المتوضىء بالمتيمم، فإذا كانت القدوة تصح إذا صحت صلاةُ الإمام، سواء كان نقْصُ صلاته راجعاً إلى ركنٍ أو شرط، فليكن العجز عن القراءة السديدة بهذه المثابة، ولا شك في [اتجاه] (٢) القياس في نُصرة هذا القول.

ثم لا خلاف أنه يجوز اقتداء الأمي بالأمي.

ومن قال بالجديد، فليس ينقدح لتوجيهه عندي وجه إلا أن الإمام يتحمل على الجملة القراءة عن المأموم؛ فإنه يتحمل عنه القراءة إذا أدركه المسبوق في ركوعه قولاً واحداً، ولا يجري ذلك في شيء من الأركان، وهذا لا يعارضه سقوط المكث في القيام عن المسبوق؛ فإن القيام تبع للقراءة من جهة أنه محلها، فإذا سقطت، سقط المحل، فإذا وضح ذلك في القراءة، فينبغي أن يكون الإمام على كمالٍ في هذا الركن، حتى يصلح للإمامة لكاملٍ فيه (٣).

وتحقيق ذلك أنا نقول: كأن قراءة الإمام منقولة إلى المقتدي، ولو قرأ المقتدي ما يقرؤه الأمي، وهو في نفسه قارىء، لم تصح صلاته، ويخرّج عليه جواز اقتداء الأمي بالأمي.

وأما وجه القول الثالث (٤)، فلا يتبين إلا بتخريج ذلك القول على القول الذي حكيناه في أن القراءة تسقط عن المقتدي في الصلاة الجهرية، ولا تسقط في السرية، فحيث تسقط كأنها وقعت محتملة عن المأموم، فلا بد من اشتراط كمال من يتحمل، وفي السرية تجب القراءة على المقتدي، فلا أثر لعجز الإمام، كما ذكره المزني من


(١) "من أهل التبرج": أي من أهل الظهور والبروز، وقد سبق قوله قبلاً: "إن الإمامة تحتاج إلى تبرج وبروز، ولا يليق هذا بمنصب النساء".
(٢) في الأصل: اتحاد.
(٣) أي ينبغي أن يكون كاملاً في هذا الركن حتى يصلح لإمامة من هو كامل فيه.
(٤) الوجه الثالث هو جواز الاقتداء بالأمي في الصلاة السرّية دون الجهرية.