١١٨٩ - ثم إن قلنا: يجوز الاقتداء بالأمي، فلا كلام.
ولو لم يجز الاقتداء به، فلو كان الرجل يلحن في النصف الأول من الفاتحة، وكان المقتدي يلحن في النصف الأخير منها، فلا يجوز الاقتداء به، وإن كانا أميين، لأن المقتدي في هذه الصورة ليس بأمي في النصف الأول، وإمامه أمّي فيه، فإذا اقتدى به، فقد تحقق اقتداء قارىء في النصف الأول بأمي فيه، ولو فرض اقتداء الإمام في هذه الصورة بمن قدرناه مقتدياً، لم يجز أيضاً لمثل ما ذكرناه، فإذن هما شخصان، لا يجوز اقتداء أحدهما بالثاني. وهذه من صور المعاياة (١) والمغالطة في السؤال، فإن السائل يعرضها ويقول: أيهما أولى بالإمامة؟ والجواب عنها، أن واحداً منهما لا يجوز أن يكون إماماً لصاحبه، لما قدمنا على القول الذي نفرع عليه.
١١٩٠ - ومما نفرعه على هذا القول: أن من اقتدى بإمام في صلاة سرية، والمقتدي قارىء، فقد أجمع الأئمة على أنه لا يجب على المقتدي البحثُ عن قراءة إمامه، فإن الغالب أنه قارىء، فيجوز حمل الأمر عليه، كما يجوز حمل الأمر على أنه متطهر، وإن كنا نشترط في القدوة صحة طهارة الإمام. ثم يخرج من ذلك أنه لو بحث، فتبين أنه لم يكن قارئاً، فهو في التفريع كما لو تبين أن الإمام كان جنباً، ولو ظهر ذلك، لم يجب على المأموم إعادة الصلاة.
ولو كانت الصلاة جهرية، فتبين فيها كونَه أُميّاً أو قارئاً؛ فإنه يقع الحكم على حسب ما يظهر. ولو كان يُسر بالقراءة في صلاة جهرية، فقد ذهب كثير من أئمتنا إلى أنه يجب الآن بحثه عن حاله؛ فإن إسراره والصلاة جهرية يُخيل مكاتمة نقصه في القراءة.
وقال آخرون: لا يجب البحث في هذه الصورة أيضاً، فإن الجهر الذي تركه هيئة
(١) المعاياة: يقال: عايا فلانٌ صاحبَه: ألقى عليه كلاماً لا يهتدَى وجهه. فالمعاياة هي: الإلغاز، والمعاجزة. (المعجم).