للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الضرير، ولا الضرير أولى من البصير؛ [إذ في كل واحد منهما أمر يعارض ما في صاحبه، أما البصير] (١) فقد يفرق فكرَه في الصلاة بصرُه، ولكنه مستقل بنفسه في استقباله، والضرير في الأمرين على مناقضته، فاقتضى ذلك أن يستويا.

فصل

١١٩٧ - يجوز الاقتداء بمن لم ينو الإمامة وكان منفرداً؛ فإن معنى الاقتداء أن يربط الإنسان صلاته بصلاة غيره، وهذا المعنى يحصل وإن كان الإمام منفرداً؛ وقد روي: "أن عمر كان يدخل فيصادف أبا بكر في صلاة فيقتدي به" وكذلك يفعل أبو بكر إذا دخل فصادف عمر في الصلاة (٢).

١١٩٨ - وأجمع أئمتنا أن من اقتدى بمأموم لم يجز؛ وتبطل الصلاة، والسبب فيه أن منصب الإمامة يقتضي الاستقلال وكونَ [الإمام متبوعاً قائماً بنفسه، وليس المقتدي كذلك، والذي يحقق ذلك أن سهو] (٣) الإمام يلحق المأموم، وسهو المأموم يحمله الإمام، والمقتدي سهوه محمول، ويلحقه سهو إمامه، وهو يُخرجه عن حكم الإمامة، فإن قيل: أليس أبو بكر كان مقتدياً برسول الله صلى الله عليه وسلم في مرض موته، والناس كانوا مقتدين بأبي بكر؟ قلنا: إنما كانوا مقتدين برسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعداً في المحراب، وكان أبو بكر كالمترجم الذي يبيّن للقوم أحوالَ الإمام وانتقالاته في صلاته.

١١٩٩ - ولو اقتدى برجل هو شاكٌ لا يدري أن إمامه مقتد بغيره أم لا، فلا تصح


= صحيحه، وأبو يعلى والطبراني عن عائشة، والطبراني أيضاً عن ابن عباس (ر. أبو داود: الصلاة، باب إمامة الأعمى، ح ٥٩٥، والمسند: ٣/ ١٩٢، وابن حبان: ٢١٣١، ٢١٣٢ وأبو يعلى: ٧/ ٤٣٤ ح ٤٤٥٦، التلخيص: ٢/ ٣٤ ح ٥٧٥).
(١) زيادة من (ت ١) و (ت ٢) و (د ١).
(٢) حديث "أن عمر كان يصادف أبا بكر فيصلي وراءه ... " قال الحافظ: "لم أجده" (التلخيص: ٢/ ٤٣ ح ٦٠٢).
(٣) سقط من الأصل، ومن (ط) وحدهما.