قدوته مع هذا التردد، كما لو اقتدى بخنثى مشكل. ولو استمر على القدوة ثم بان أن إمامه لم يكن مقتدياً، هل يجب على المقتدي قضاء الصلاة والحالة هذه؟ فعلى قولين كالقولين فيه إذا اقتدى بخنثى، ثم لم يقض الصلاة حتى يتبين أن الخنثى رجل.
١٢٠٠ - ولو كان يصلي مع رجل وأشكل على كل واحد منهما حالُه، فلم يدر أنه مقتدٍ بصاحبه أو إمامٍ له، فلا تصح صلاة واحدٍ منهما على هذا التردد؛ فإنه لا يدري أيتابع أم يستقل؟ ولو كان يظن كل واحد منهما أنه إمام صاحبه، فتصح صلاته؛ فإنه يمضي في صلاته باختياره ولا ينتظر حكم المتابعة.
١٢٠١ - ومما يليق بما نحن فيه أن من اقتدى بإمام، فالأولى ألا يعيّنَه في نيته، بل ينوي الاقتداءَ بالإمام الحاضر، وليس عليه أن يعرفَه بلا شك فيه؛ فإن نوى الاقتداء بزيد، فإن أصاب، فذاك، وإن أخطأ، فالذي ذكره الأئمة أنه لا يصح اقتداؤه، ولا تصح صلاته، وعدوا هذا مما لا يجب التعيين فيه.
ولو عينه المرء، فعليه خطر في الخطأ، فإن أخطأ، لم تصح صلاته، وكذلك لو نوى الصلاة على زيد، ثم تبين أن الميت غيرُ من عينه، فلا تصح صلاته، وهذا فيه إشكال من جهة أن من ربط نيته بمن حضر، واعتقده زيداً، فإذا المعيَّنُ غيرُه، فقد اجتمع في نيته تعيين وخطأ في المعيَّن، فيظهر أن يقال: المحكَّم (١) تعيينه وإشارته إلى شخصه، ويسقط أثر خطئه في اسمه.
وقد يعنّ للناظر أن يخرّج هذا على مسألةٍ في البيع، وهي أن يقول الرجل: بعتك هذا الفرس، وأشار إلى حمار، ففي صحة البيع وجهان مشهوران سيأتي ذكرهما، فربْطُ الاقتداء بمن في المحراب مع اعتقاده أنه زيد بهذه المثابة.
وإن تكلّف متكلّف تصويرَ عقد الاقتداء بزيد مطلقاً من غير ربط بمن في المحراب، فهذا في تصويره عُسْر مع العلم بأنه يعني من خضه، ومن سيركع بركوعه ويسجد بسجوده، والعلم عند الله عز وجل.