للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

يشتمل على ذكر من يقتدي بعد الانفراد، وينفرد بعد الاقتداء.

١٢٠٢ - فلتقع البداية بمن يعقد الصلاة على حكم الانفراد، ثم يتفق عقد جماعة، فيريد ربطَ الصلاة بالقدوة، وقد اختلف نصوص الشافعي (٢ في ذلك: والذي نقله الصيدلاني عن الجديد منعُ ذلك، وهو مذهب أبي حنيفة (١)، وقال الشافعي ٢) في الكبير: "قد كان في ابتداء الإسلام، ثم نسخ، وذكر فيه قصة معاذ، وهي أن المسبوق كان يحضر ويسائل من في الصلاة عما فاته، فيشيرون بالأصابع إلى أعداد الركعات التي فاتت، فكان يبتدر إلى ما فاته، ثم يصلي بصلاة الإمام فيما يصادفه من بقية صلاته، فدخل معاذ يوماً وكان مسبوقاً، فاقتدى، وصلّى ما وجد، ثم قام لمّا سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقضى ما فاته، ثم لما تحلل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاته قال: إن معاذاً سن لكم سنة حسنة فاتبعوها" (٣).

وحكى قولاً في القديم: إن الاقتداء بعد حصول العقد على حكم الانفراد جائز، ووجهه أن القدوة معناها ربط الصلاة بصلاة الغير، وليس ذلك من أركان الصلاة قط؛ فإنه ليس تغييراً لأمر يتعلق بركن أو شرط.

١٢٠٣ - ثم الظاهر من مذهب الشافعي في الجديد جواز الاستخلاف في الصلاة، على ما سنذكر ذلك مشروحاً إن شاء الله تعالى في صلاة الجمعة، وهو في الحقيقة ابتداء اقتداء، لم يكن حالة العقد؛ فإن القوم يعقدون صلاتهم بزيد، ثم يربطونها في الأثناء بعمرو المستخلَف، وسيأتي شرح الاستخلاف في موضعه.

ثم يشهد لجواز الاقتداء أثناء الصلاة خبران، أحدهما - ما روي: "أن رسول الله


(١) ر. حاشية ابن عابدين: ١/ ٣٩٠، ٤٠١.
(٢) سقط من (ت ٢) وحدها.
(٣) حديث قصة معاذ .. رواه أحمد في مسنده، ورواه أبو داود (ر. المسند: ٥/ ٢٤٦، وأبو داود: الصلاة، باب كيف الأذان، ح ٥٠٦، والتلخيص: ٢/ ٤٢ ح ٥٩٦).