سورةَ البقرة في صلاة العشاء، وكان اقتدى به رجل كان يعمل طول نهاره، وكان عقل بعيراً كان معه، فانحلّ عقاله، فقام فقطع القدوة، وتجوّز في صلاته، وخرج، فرفعت قصته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنكر على معاذ تطويلَه، ولم ينكر على من قطع القدوة، ولم يأمره بالقضاء" (١).
ثم الأعذار التي تقطع القدوة لأجلها كثيرة، ولا ينتهي إلى حد الضرورة عندي، وأقرب معتبر فيها أن يقال: كل عذر يجوز ترك الجماعة بسببه، كما سبق في باب الجماعة، وسنعود في كتاب الجمعة، فهو المعتبر في الذي نحن فيه أو ما في معناه.
فصل
في المسبوق: إذا أدرك الإمام وقد فاته من الصلاة شيء.
١٢٠٦ - فنقول: إذا أدرك الإمامَ راكعاً، فكبر في قيامه وركع، وصادف الإمام راكعاً، فقد أدرك الركعة، ولو كان الإمام هاماً بالارتفاع، متحركاً في جهته، فأدرك المأمومُ -وهو بعدُ غيرُ مترقٍّ عن أقل حد الركوع- فقد أدرك الركعة.
ولو لم يدر هل كان جاوز حد الراكعين أم لا، فالأصل بقاؤه في حد الركوع إلى أن يزول عنه قطعاً. ولكن الأصل أنه لم يصر مدركاً للركوع، فهو على تردد من أمره كما ترى.
وقد ألحق أئمتنا هذا بتقابل الأصلين، فذكروا وجهين، ولعلنا نجمع في ضبط ذلك قولاً بالغاً - إن شاء الله تعالى.
١٢٠٧ - ولو أدرك الإمامَ بعد الارتفاع عن حد الركوع، فلا يكون مدركاً للركعة أصلاً، ويتابع الإمامَ فيما يصادفه فيه، ولا يعتد به له من أصل صلاته.
(١) قصة تطويل معاذ أصلها في الصحيحين، متفق عليها من حديث جابر (اللؤلؤ والمرجان: ١/ ٩٦ ح ٢٦٦، وقد رويت على أوجه مختلفة (ر. التلخيص: ٢/ ٣٩ ح ٥٩١).