١٢٠٨ - ولو أدرك الإمامَ قائماً بعدُ، فإن أمكنه أن يتمم قراءة الفاتحة، ثم يدرك ركوعَ الإمام، فهو المراد، ولو علم أنه لو تمم الفاتحة، لفاته الركوع، فماذا يفعل؟ فيه خلاف معروف، فذهب بعض الأئمة إلى أنه يقطع القراءة، ويبادر الركوع. وسقوطُ بعض القراءة عنده، ليس بأبعد من سقوط تمام القراءة إذا صادف الإمام راكعاً، لمّا كبر وتحرم بالصلاة.
ومنهم من يقول: عليه أن يتمم القراءة ولا يقطعها؛ فإنه خاض فيها، فيلزمه إتمامها.
وذكر الشيخ أبو زيد في ذلك تفصيلاً حسناً، فقال: إن تحرم بالصلاة وبادر بالقراءة ولم يقدّم عليها دعاء الاستفتاح، ولا التعوذ، ولكنه لمّا تفطَّن لضيق الوقت، اشتغل بالأهم، فإذا ركع الإمام، فهو معذور الآن، فنجعله مدركاً، وإن قدم على القراءة الذكرَ المسنون والتعوذَ، فقد تعرض لخطر الفوات.
فأما من لم يفصل فيقول: ليس على المسبوق مبادرة القراءة بل يجري على هيئته وسجيته، والدليل عليه أنه لو قدر على أن يتسرع قبل الشروع، فلم يفعل، لم يختلف حكم إدراكه، فليكن الأمر كذلك بعد التحرم.
والأصح ما ذكره أبو زيد من التفصيل؛ فإنه بعد الشروع صار ملتزماً لحكم القدوة، مطالباً بموجبها، فليجر على الأصوب فيما نرسم له. ولا شك، أن الاشتغال بإقامة الأركان أولى، ومن لم يتحرم بالصلاة فهو على خِيَرته في أمر الجماعة.
فهذا بيان الاختلاف في هذه الجهة.
ولا ينبغي أن يُعتقدَ خلافٌ فيه، إذا تحرّم وسبَّح، وتعوذ، ثم سكت سكوتاً طويلاً، ولم يشتغل بالفاتحة أنه يكون مقصراً، وإنما الخلاف المذكور فيه إذا اشتغل قبل القراءة بالسنن المشروعة في الصلاة، ثم إن أمرناه بالركوع، فاستتم القراءة، وبادر، فأدرك الإمامَ راكعاً، فهو المطلب، وهو مدرِكٌ.