للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذا رفع الإمام رأسه من الركوع، فلا شك أنا لا نجعله مدركاً للركعة، ولكن هل تبطل صلاة المسبوق بمخالفته إياه وترك ما رسم له؟ سنذكر على إثر هذا تفصيلَ المذهب في تقدم الإمام على المأموم بركن أو ركنين.

فإن سبقه الإمامُ بركنين في هذه الصورة التي نحن فيها، فتبطل صلاة المأموم، وإن سبقه الإمام بالركوع، ولكنه أدركه عند اعتداله -ونحن قد نقول: إن هذا المقدارَ من التقدم لا يضر (١ في أثناء الصلاة ١) في حق غير المسبوق- فهاهنا إذا خالف المسبوقُ، فسبقه الإمام إلى الاعتدال، أما الركعة، فقد فاتت، وفي بطلان الصلاة وجهان: أحدهما - لا تبطل؛ فإن هذا المقدارَ من التقدم غيرُ ضائر.

والثاني - أن الصلاة تبطل؛ فإنه ترك متابعة الإمام فيما فاتت الركعة لأجله، فكأن الإمام سبقه بركعة، وليس كما لو جرى مثل ذلك في أثناء الصلاة، في حق من ليس بمسبوق.

فإن قلنا: تبطل صلاته، فلا كلام. وإن قلنا: لا تبطل، فلا ينبغي أن يركع؛ فإنه لو ركع لم يكن الركوع محسوباً له، ولكن ينبغي أن يتابعَ الإمامَ الآن، فيما يأتي به من هُويه إلى السجود، ويقدر كأنه أدركه الآن، ثم لا تحتسب له هذه الركعة.

فأما إذا قلنا: إنه يتمم القراءة، فإن تممها وأدرك الإمام راكعاً، فقد حصل تمامُ الغرض، وإن رفع الإمامُ رأسه من الركوع واعتدل، فالمأموم يركع ويرفع وهو مدرك للركعة، معذورٌ في تخلفه، ولو تجاوز الإمامَ، وسبقه بأركان، فلا يضر ذلك.

واستقصاء القول في هذا يتعلق بمسألة الزحام على ما سيأتي إن شاء الله.

١٢١٠ - ومن تمام البيان في ذلك أن أبا زيد إذا فصل بين أن يُقصِّر وبين أن يبتدِر، فمن تمام كلامه في ذلك أنه لو لم يقصر، فإذا ركع (٢) الإمام، ففي المسألة وجهان: في أنه يتم القراءة، أو يقطعها، كما تقدم ذكرهما، والتفريع عليهما.

وإن كان مقصراً، فليقرأ من الفاتحة بقدر تقصيره، فإن رفع الإمام رأسه من


(١) ما بين القوسين ساقط من (ت ٢).
(٢) بدأ من هنا خرمٌ من نسخة (ت ٢). وهو صفحة واحدة.