صلاة المأموم؛ فإن الإمام قد سبق بالركوع، والاعتدال، وهو قائم، ولابس الركن الثالث، ولا يتوقف بطلانُ الصلاة على أن يرفع رأسه من السجود، والمأموم بعدُ قائم وفاقاً.
ولو رفع الإمام رأسه من الركوع، والمأموم بعدُ قائم، فهل تبطل بهذا المقدار صلاة المقتدي؟ فعلى وجهين مشهورين.
ثم ذهب بعض الأصحاب إلى أخذ هذا الخلاف من التردد في أن الاعتدال عن الركوع ركن مقصودٌ أم لا؟ فإن قلنا: إنه ركن مقصود، فقد فارق الإمامُ ركناً، ولابس آخر مقصوداً، فتبطل صلاة المتخلف، وإن لم نجعل الاعتدال ركناً مقصوداً، توقف الحكم بالبطلان على ملابسة السجود.
١٢١٥ - وهذه الطريقة وإن كانت مشهورة، فلست أرضاها؛ فإن الاعتدال من الأركان التي لا بد منها، ولو لم يكن مقصوداً وكان الغرض منه الفصل بين الركوع والسجود، للزم منه أن يقال: إذا فارق حدَّ الراكعين في انتصابه كفى، وإن لم يعتدل قائماً؛ لحصول الفصل، فلا تعويل على هذا عندي.
والوجه رد الخلاف إلى شيء [آخر](١)، وهو أن من أصحابنا من يقول: لا تبطل الصلاة ما لم يسبق بركنين، والمأموم بعدُ في قيامه، ومنهم من يقول: إذا اعتدل، فقد تحقق السبق بركن تام وهو الركوع، فكفى ذلك في الحكم بإبطال الصلاة، فإن اسم المسبوق قد حصل، فإذا تقدم الإمام، فركع، فتلاه المأموم، وأدركه في الركوع، فما سبق الإمام بركنٍ، بل سبق إلى الركن، وتابعه المقتدي. وهو صورة المتابعة. وإذا بقي قائماً حتى يرفع الإمام، فقد سبقه بركن على التحقيق.
١٢١٦ - ومن تمام التفريع في ذلك أنا إذا شرطنا سبقَ الإمام بركنين، فإذا رفع الإمام رأسه وهوى، ولم ينته بعدُ إلى السجود، فيظهر عندي أن نحكم ببطلان القدوة، وإن لم يلابس السجود، وإن كنا نشترط التقدّم بركنين؛ فإن التقدم يحصل بمفارقة الاعتدال، ولا يرفع ذلك ظن من يظن أن الاعتدال غيرُ مقصود، فلْيلابس السجودَ،