للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليه وسلم نهى عن ذلك، فلو وقف وحده، صحت الصلاة مع الكراهية، والأولى لمن لا يجد موقفاً في الصف أن يجرّ أحداً من الصف، والأولى لذلك الواحد المجرور أن يساعده؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بذلك، فهذا مما يتعلق بغرضنا في هذا النوع.

١٢٢٤ - فأما النوع الثاني، فنصدّره بأن نقول: المنصوص عليه في الجديد أن موقف المأموم إذا تقدم على موقف الإمام، لم يصح اقتداؤه.

وقال مالك: يصح اقتداؤه إذا كان يَشعر بصلاة الإمام (١). وهذا قولٌ للشافعي في القديم.

ولو كان موقف المأموم مساوياً لموقف الإمام، ولم يكن متقدماً ولا متأخّراً، جازَ، والأدب أن يتأخر عن موقف الإمام قليلاً. ثم الاعتبار في الموقف بموقف العقبين من الأرض، فإن شخص المقتدي قد يكون أطول فيتقدم موقع رأسه، وإن تأخر ساوى موقع قدمه. وذكرتُ العقب؛ فإنّ قدمَ أحدهما قد يكون أكبر من قدم الثاني، فالعبرة بما ذكرته بلا خلاف.

ومما يتعلق بهذا أن الناس يصلون في المسجد الحرام مستديرين حول الكعبة، والإمام الراتب وراء مقام إبراهيم في جهة الباب، فالذين يستديرون من وراء البيت وجوههم إلى وجه الإمام، وتصح الصلاة بلا خلاف، هكذا عُهد الناسُ في العُصُر الخالية، حتى كأن الكعبة هي الإمام، ولعل الحاجة أحوجت إلى تسويغ ذلك؛ فإن الناس يكثرون في المواسم، ولو كلفوا الوقوف في جهة واحدة، لتعذّر ذلك.

وقال الأئمة: إذا دخل الناس البيت، فالجهات كلها قبلة، فلا يمتنع أن يقف الإمام والمأموم متقابلين، كما ذكرناه في الاستدارة حول الكعبة.

١٢٢٥ - واختلف أئمتنا في صورة وهي أنه إذا كان بين الإمام في جهة وقوفه، وبين


(١) الذي رأيناه عند المالكية أن تقدم المأموم على الإمام يصح مع الكراهة، (ر. الإشراف: ١/ ٣٠٠ مسألة: ٣٥٥، حاشية العدوي: ١/ ٢٧١، حاشية الدسوقي: ١/ ٣٣١، جواهر الإكليل: ١/ ٧٩، القوانين الفقهية: ٨١).