للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكعبة عشرةُ أذرع، وكان موقفُ المأمومين في جهة أخرى من البيت أقربُ إلى البيت من هذا، فهل يجوز ذلك أم لا؟ فعلى وجهين: أحدهما - لا يجوز كما لو تقدم واحد في جهته، وكان أقرب إلى البيت.

والثاني - يجوز؛ فإن الجهة إذا اختلفت، فلا معنى لاعتبار المقايسة في المسافة؛ فإن اختلاف الجهة أعظم في الاختلاف من الاختلاف في القرب والبعد، (١ فإذا لم نمنع القدوة مع الاختلاف في الجهة والوقوف على هيئة التقابل، فلا معنى وراء ذلك في النظر إلى القرب والبعد ١). وأما إذا اتّحدت الجهة، فيظهر أثر التقدم والتأخر.

فهذا بيان ذلك.

١٢٢٦ - ثم نتكلم بعد هذا في المواقف في الأمكنة المختلفة: والوجه في الترتيب أن نذكر أفرادها والاجتماع فيها، أي في أفرادها، ثم نذكر وقوف القوم في أماكن مختلفة منها.

فأما القول في أفرادها، فيتعلق بالمسجد، والملك، والمواضع المشتركة.

١٢٢٧ - فأما المسجد، فإذا تقدم الإمام وتأخر المقتدي، لم يضر بُعد المسافة -وإن أفرط- إذا كان المسجد واحداً. وكذلك لا يضر اختلافُ المواقف ارتفاعاً وانخفاضاً، حتى لو وقف الإمام في المحراب والمقتدي على منارةٍ من المسجد، أو بئر، وكان لا يخفى عليه انتقالات الإمام، فالقدوة صحيحة؛ وذلك أن المكان مبنيٌّ لجمع الجماعات، فالمجتمعون فيه مجتمعون لإقامة الصلاة، فلا يؤثر البعد في المسافة. وهذا متفق عليه.

ولو كان مسجدان باب أحدهما لافظٌ (٢) في الثاني كالجوامع، فإن كانت الأبواب


(١) ما بين القوسين ساقط من: (ت ٢).
(٢) "لافظ" أي لاصق بالأرض نافذ، من غير فاصل بينهما من طريق أو غيره. كذا قال ابن الصلاح في مشكل الوسيط، وأضاف: "هذا ما أشعرَ به ما علقته من بعض التعاليق الخراسانية، ولم أجد الكلمة في كتب اللغة، وكأنه مستعار من قولهم: لفظ الشيء مِن فِيه، إذا نبذه ورماه، وكأن الباب الموصوف بسهولة النفوذ منه يرمي من أحد المكانين إلى آخر".
ا. هـ بنصه (ر. مشكل الوسيط - بهامش الوسيط: ٢/ ٢٣١).