للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ركعات، ثم حاضت، فيلزمها قضاء هذه الصلاة إذا طهرت، فجعلها مدركة لصلاة الظهر بإدراك ما يسعها من أول الوقت، وقياس ذلك يقتضي أن يقال: إذا كان الرجل مقيماً حتى مضى من أول الوقت ما يسع الصلاة، فقد التزم الإتمام، ثم سافر، فلا يجوز له أن يقصر، فالتزام التمام في حقه كالتزام أصل الصلاة في حق الحائض.

فاضطرب أئمتنا: فذهب القيّاسون منهم إلى تخريج المسألة جميعاًً على قولين: أحدهما - إنَّ إدراك أول الوقت على ما ذكرناه ملزم، فالحائض تقضي، والمسافر يتم تلك الصلاة ولا يقصر، وهذا مخرّج على أصلٍ للشافعي خروجاً واضحاً؛ فإن الصلاة عنده تجب كما (١) دخل الوقت، فقد أدركا وقتَ الوجوب، وقد وجبت الصلاة عليها، ثم حاضت، ووجب الإتمام على الآخر، ثم سافر.

والقول الثاني - إنه يجوز القصر، ولا يصير المسافر في وسط الوقت ملتزماً للإتمام، والمرأة لا تقضي تلك الصلاة.

ووجهه أن الوجوب لا يضاف إلى كل ساعةٍ تسع الصلاة من ساعات الوقت المتَّسع، ولكن إذا مضى الوقت بكماله، فالوجوب مضادت إلى جميعه، فالنظر إلى الآخر، فإذا طرأ الحيض أو السفر، لم نقض بوجوب الصلاة، ولا بوجوب الإتمام.

وهذا الخلاف مأخذه من خلاف الأصحاب في أن من أخر صلاة الظهر من أول الوقت إلى وسطه، ثم مات، فهل يلقى الله عاصياً أم لا؟ وفيه خلاف، والأصح أنه لا يكون عاصياً. وفي المستطيع إذا مات ولم يحج خلاف، والأصح أنه يعصي؛ فإنا لو لم نُعصِّه، لما انتهى الحج قط إلى حقيقة الوجوب؛ فإن خاصية الوجوب أنه يعصي بتركه، والصلاة المؤقتة يتصور إفضاء الأمر فيها إلى التعصية بأن يبقى المكلّف حتى ينقضي الوقت عليه وهو غير معذور.

١٢٨٣ - ومن أئمتنا من أقر النصين قرارهما في الحائض والمسافر، وقال: الحائض تلتزم الصلاة بإدراك ما يسع الصلاة من أول الوقت، والمسافر لا يلتزم الإتمام


(١) كما دخل: أي عندما دخل.