للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١٢٨٧ - وحكى شيخي أن من أصحابنا من قال: إن برز وقد بقي مقدار ركعتين، قصر؛ فإنه صادف في السفر وقت القصر، وإن كان أقل من ذلك لم يقصر، وهذا وإن كان يُخيل شيئاًً، فلا أصل له، وربما كان يجمع وجوهاً.

فنقول: من أصحابنا من شرط أن يبقى مقدارُ أربعَ ركعات إذا برز، ومنهم من لم يشترط إلا مقدارَ ركعتين، ومنهم من اكتفى بمقدار ركعة، وكان يقطع بأن إدراك أقلّ من ركعة لا يسوِّغ القصر، وبهذا قطع [بعض المصنفين] (١). والصحيح الترتيب الذي ذكرته قبل هذا.

١٢٨٨ - ومما يتعلق بتمام الكلام في ذلك، أن المرأة لو كانت طاهرة في أول الوقت في مقدار ركعة مثلاً، ثم حاضت، فالمذهب أنه لا يلزمها هذه الصلاة. كما تقدم في أول هذا الكتاب. ومن يجعل المسافرَ كالحائض في إدراك أول الوقت، فلو أدرك قبل الخروج مقدار ركعة أو أقل، والتفريع على أن القصر يمتنع بإدراك مقدار أربع ركعات، فينبغي أن يمتنع بإدراك ما دونها؛ فإن طريان السفر ليس طريانَ مُناقض للصلاة وإتمامها، وطريانُ الحيض ينافي إمكان إتمام الصلاة، فهذا أحد المقاصد.

١٢٨٩ - فأما القول في قصر الصلاة المقضية، فنقول: أما الصلاة التي فاتت في الحضر وانقضى تمام وقتها فيه، فإذا أراد المسافر قضاءها، أتمها كما تقدم، إلاّ على مذهب المزني.

فأما إذا فاتت الصلاة في السفر وأراد قضاءها، فللمسألة ثلاث صور، إحداها - أن يقضيها في ذلك السفر بعينه.

والثانية - أن يريد قضاءها في إقامته.

والثالثة - أن تفوت في سفر، فيقيم، ثم يسافر، ويريد قضاءها في السفر الثاني.

فأما الصورة الأولى، ففي جواز القصر فيها قولان: أحدهما - أنه يقصر قياساً


(١) في جميع النسخ: "قطع المصنفون" والمثبت مما جاءتنا به (ل)، وهو الصواب المتفق مع السياق، ومع المعهود من أسلوب الإمام.