هذا التصوير في حق حديث العهد بالإسلام الذي لم يبلغه رخصةُ القصر، لو نوى صلاة الظهر في السفر ركعتين، وظن أنها كصلاة الصبح ركعتان، فهذه صورة تترتب في فكري، وها أنا أجمعُها وألقيها إلى الناظر، وليس عندي فيها نقل.
فالذي أراه أن المقيم لو نوى الظهر ركعتين جزماً، ولم ينو الترخص، فينبغي أن تبطل صلاته، ولو نوى الترخص بالقصر، فيه احتمال، ولو نوى المسافر الذي لم يعلم رخصة القصر الظهر ركعتين، فهذا فيه احتمال، ولو نوى من يعلم القصرَ الظهرَ ركعتين، ولم يتعرض للترخص، ولا لنفيها، فهذا محمول على الصحة، وهو الترخّص بعينه، وإن لم يجدّد ذكره.
وإن اعتمد نفيَ الترخص وجزمَ النية في ركعتين، فهذا فيه احتمال.
فهذا مجموع ما أردته في ذلك. والله أعلم بوجه الصواب فيه.
فصل
قال:"وإن أحرم خلف مقيم، أو خلف من لا يدري ... الفصل"(١).
١٣٠٧ - قد ذكرنا فيما تقدم أن من اقتدى بمن علمه مسافراً، ولكن لم يدر أنه هل نوى القصر أم لا، ثم بان أنه كان نوى القصر، فيصح قصر المقتدي، وإن كان لو نوى الإتمام، لزمه الإتمام، فلا يضره هذا التردد، والعلة السديدة فيه أنه مما لا يمكن الاطلاع عليه، فيعذر المقتدي فيه.
وفيه دقيقة، وهي أن من الممكن أن يقال: لا يصح القصر مع الاقتداء؛ من حيث إن صلاة المقتدي تقع مترددة، وقد ذكرنا في مواضع أن التردد بين القصر والإتمام، يوجب تغليب الإتمام، ولكن لو قلنا بهذا، لجرّ ذلك سدَّ باب الجماعة في السفر، وهذا بَعيدٌ من محاسن الشريعة، والذي يحقق ذلك ويوضحه أن الشريعة أثبتت رخصةَ إقامة النافلة على الراحلة، مع استدبار القبلة، حتى لا ينقطع المسافر عن النافلة في