للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"فعليهم والراعف أن يتمموا؛ لأنه لم يكمل واحد منهم الصلاة، حتى كان فيها في صلاة مقيم" وهذا إنما يتحقق في الراعف إذا عاد واقتدى، ثم اقتداؤه يمكن أن يصور ابتداء على قولنا: إن من سبقه الحدث يبني على صلاته، فيرفع المانع، ويعود مقتدياً بالمقيم من غير ابتداء عقد.

وسلك بعض الأصحاب مسلكاً آخر، فقال: إذا فرّعنا على القول الجديد وقلنا: تبطل الصلاةُ، فالراعف لا يُتم إذا لم يعد مقتدياً، وإن فرعنا على القول القديم، وهو أن من سبقه الحدث لا تبطل صلاته، فعلى الراعف الإتمام، وإن لم يقتد بالمستخلَف؛ لأنه اجتمع مع مقيم في صلاة واحدة، وقد يعضد هذا بأنه المتسبب إلى تقديمه وإلزام المقتدي به الإتمام.

وهذا ضعيف لا أصل له؛ فإنه لم يقتد بمقيمٍ أصلاً، وقد نوى القصر ابتداء، ثم هذا مع ضعفه غيرُ مستقيم في نظم الأقوال قديماً وجديداً؛ فإن الاستخلاف في القديم باطل، وصلاة الراعف في الجديد باطلة، فلا يتسق هذا التفريع إذاً.

فصل

١٣١٥ - قد ذكرنا أن من برز من وطنه، ثم تذكر شغلاً، فعاد إلى وطنه، ليقضيه على الفور، فلا يقْصُر في خِطة البلد الذي هو موضع إقامته.

ولو برز كما ذكرناه، ثم عزم على العود، فقد صار مقيماً على مكانه، فلا يقصر في ذلك المكان مادام فيه؛ فإنه بقَصْد الرجوع قد قطع سفره، فصار على مكانه مقيماً لا يترخص، فلا يتوقف انقطاع حكم السفر على العَوْد إلى البلد، ثم إن بدا له في العود، وأراد أن يستمر في صوب قصده، فقصدُه الثاني لا يرفع قصدَه الأول، بل يبقى حكم الإقامة حتى يفارقَ ذلك المكان، هكذا ذكره الصيدلاني، ولا وجه غيرُه.

ولو نوى الرجوع وأثبتنا له حكم الإقامة على مكانه، فإذا نهض راجعاً إلى بلده، والمسافة قريبة، فلا يقصر في طريقه، ولا يقصر في البلد، فإذا خرج من البلد، فيقصر إذا كان سفره طويلاً.