للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولمن نصر المذهبَ أن [يَنْفصل] (١) ويقول: السُّكْر محبوبٌ في الجبلات، فلا يمتنع أن يُلحق بالمعاصي، حتى ينزجر الناس من (٢) التسبب إليه، ولولا السكر لما اعتمدَ الشربَ، فإن الخمر مرة بشعة (٣).

١٣٣٢ - ومنها أن الرجل إذا تسبَّب إلى إزالة عقل نفسه بسبب ما يُجِنّ، فإذا جُنَّ، ثم أفاق، فالمذهب أنه لا يلزمه قضاء الصلاة التي فاتته في جنونه، وليس كالصلوات التي تمر مواقيتها في زمان السكر، فإنّ الجنون منافٍ لتبعات التكليف.

وذهب بعض أصحابنا إلى أنه مأمور بقضاء الصلوات من جهة تسببه إلى جلب الجنون، كما لو تسبب إلى السكر، وهذه الصورة مرتبة على التي قبلها، وهي إذا ردّى نفسه من شاهق، فانخلعت قدماه؛ فإنه في تلك الصورة لم يخرج عن كونه مكلفاً.

ولو كانت المرأة حاملاً، فاستجهضت جنينها ونفِست (٤)، فالوجه القطع بأن ما يفوتها من الصلوات في زمان النفاس لا يلزمها قضاؤه.

وقد ذكر بعض الأصحاب في ذلك وجهاً بعيداً في وجوب القضاء، من جهة انتسابها إلى تحصيل هذه الحالة المنافية، وهذا أبعد الوجوه، وهو حريٌّ بألاّ يُعد من المذهب أصلاً.

وقد ذكرنا فيما تقدم أن المرتدة إذا حاضت (٥) وطهرت، وأسلمت، لم يلزمها


(١) في جميع النسخ: (يتفضل)، وهو تصحيف ظاهر، والمثبت تقدير منا، رعاية للمعنى، فالمعنى أن الذي ينصر المذهب في عدم إعادة العاصي بإلقاء نفسه، للصلوات التي صلاها قاعداً، له أن ينفصل عن اعتراض من يرى الإعادة مستشهداً بالسكر، ومؤاخذة السكران مدة سكره - فيقول فارقاً بين من ألقى نفسه من شاهق، ومن شرب خمراً: إن السكر محبوب، مرغوب في الجبلات ... إلخ. ثم إن إمام الحرمين يجري على لسانه لفظ (ينفصل) كثيراً كمصطلح جدلي، بمعنى دفع الاعتراض، كما هو وارد في هذا الموضع.
(٢) كذا، وهي صحيحة، فإن (مِن) تأتي لمعانٍ منها أن تكون مرادفة لـ (عَنْ)، في القرآن الكريم: {يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا} [الأنبياء: ٩٧] وانظر مغني اللبيب: ٤٢٣.
(٣) بشعة: كريهة. من بشع الطعام بَشَعاً: صار طعمه كريهاً. (المعجم).
(٤) بكسر الفاء لا غير، وفي النون الفتحُ والضم. (تهذيب الأسماء واللغات).
(٥) بدأ من هنا [آخر ٦١ ش] خرم من نسخة الأصل حيث سقطت ورقتان كاملتان (٦٢، ٦٣) وهو =