للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

١٣٦٩ - وهذا يتطرق إليه عندي احتمال، إذا شرطنا بقاء العدد التام في جميع الصلاة، [فلا] (١) يمتنع أن نقول: يُشترط بقاء أربعين قد سمعوا الخطبة.

فأما إذا قلنا: لا يُشترط بقاءُ العدد الكامل، فهل يُشترط أن تبقى الجماعة؟ أم لو انفرد الإمام وحده، صحت جمعته من غير بقاء مُقتدٍ؟ فعلى قولين: أحدهما - لا بد من بقاء الجماعة، وذلك بألا ينفضَّ كلُّهم، وهو المنصوص عليه.

والقول الثاني - أنه لو بقي وحده، صحّت الجمعة، وهو وإن كان منقاساً، فهو مخرّج ووجهه أن بقاء العدد الكامل إذا لم يكن شرطاً، فلا أثر لبقاء أحد من المقتدين، فإن قلنا: تصح صلاته وحده، فلا كلام، وإن قلنا نشترط جمعاً، فعلى هذا القول قولان منصوصان: أحدهما - لا بد من ثلاثة والإمام الثالث؛ فإن هذا هو الجماعة المطلقة.

والقول الثاني - أنه يكفي مقتدٍ واحد؛ فإنّ هذا أقلُّ مراتب الجماعة، فهذا بيان الأقاويل: المنصوص عليها، والمخرج منها.

١٣٧٠ - وقال المزني: إن انفضوا في الركعة الأولى، ونقص العدد المرعيُّ، بطلت جمعة الإمام، ومن بقي معه، وإن انفضوا في الركعة الثانية، صحت جمعة الإمام، وإن كان وحده واستشهدَ عليه بالمسبوق؛ فإنه إذا أدرك ركعةً، صلى الجمعة، فيقوم عند تحلل الإمام إلى الركعة الأخرى، وإن لم يدرك ركعة، لا يكون مدركاً للجمعة.

وهذا الذي ذكره قياس لا بأس به، وقد عدّ معظم أئمتنا هذا قولاً مخرجاً للشافعي، فالتحق بالأقوال المقدمة، وقد أورده المزني إيراد من يبغي تخريج قول للشافعي، فكان كما قدره.

ومن أباه، قال: المقتدي المسبوق إذا تبع الإمامَ في الإدراك، لم يبعد؛ فإنّ وضع الشرع على اتباع المقتدي للإمام، فأما أن يقال: إذا صلى الإمام ركعة مع


(١) في النسخ الثلاث: "ولا" والمثبت من (ل).