للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ومما يتعلق بتحقيق القول في ذلك أن الإمام لو سلم قبل أن يرفع المقتدي رأسه من السجود الذي زُحم عنه، فقد قال الأئمة: لا يكون مدركاً للجمعة؛ فإن الإمام فارقه قبل إقامة ركعة كاملة، ومن أبعد فأثبت الاقتفاء الحكمي لا يثبته هاهنا؛ فإن ذلك الاقتفاء تبعٌ، لجريان ركعة تامة على تحقيق القدوة.

فهذا منتهى القول في قسم واحد من المسألة، وهو أن يسجد المزحوم والإمام في قيام الركعة الثانية، ثم تنقسم الأحوال عند رفعه رأسه كما سبق.

١٣٨٣ - فأما إذا دامت الزحمةُ حتى ركع الإمامُ في الركعة الثانية، فإذ ذاك تمكن من استدراك ما فاته من السجود، وتصدى له إدراكُ الركوع في الركعة الثانية، فما يفعل والحالة هذه؟ للشافعي قولان فنصوصان: أحدهما - أنه يشتغل بتدارك ما فاته؛ فإن رعاية الترتيب في الصلاة محتومة، وهذا المزحوم قد ركع متابعاً في الركعة الأولى، ولو ركع مرة أخرى، لكان موالياً بين ركوعين في ركعة واحدة، وقد يلزم الرجلَ متابعةُ الإمام ومخالفةُ ترتيب نفسه، ولكن ذلك فيه إذا ابتدأ، فاقتدى وصادف الإمام ساجداً، مثلاً؛ فإنه يهوي ساجداً؛ لأنه التزم المتابعة؛ فلزمه اقتداؤه، وهذا ابتداء الاقتداء، فأما المسألة التي نحن فيها، فقد تابع في الركوع الأول، فيلزمه بحكم ذلك الركوعِ وترتيبِه أن (١) يسجد، فإن أمرناه بالركوع، خالف ذلك الترتيبَ.

والقول الثاني - أنه يركع مع الإمام؛ فإن الركعة الأولى قد (٢) بعُد تدارك ترتيبها، وأفرط التخلفُ عن الإمام، وإذا عسُر ذلك متصلاً، فلا وجه إلا مبادرة الركوع على اعتقاد أن هذه ركعةٌ جديدة، اتفقت مصادفة الإمام فيها، وقد يتعلق تمام الغرض في التوجيه بالتفريع.

فإن قلنا: إنه يركع مع الإمام، فلا يخلو إما أن يوافق، فيركع كما أمرناه، وإما أن يخالف، فيسجد ويتدارك ما فاته في الركعة الأولى، فإن ركع وتمادى مع الإمام، حتى يؤدي الركعة الثانية مع الإمام، فقد أتى بركوعين أحدهما في الركعة الأولى،


(١) جملة " أن يسجد " فاعل "فيلزمه".
(٢) في الأصل: وقد (بزيادة الواو).