للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والثاني في الثانية، فالمحسوب أيهما؟ فعلى وجهين: أحدهما - أن المحسوب هو الأول؛ فإنه أتى [به] (١) على حكم القدوة، وكان معتداً به، فلا ينبغي أن ينقلب عما جرى. والثاني - أنه لا يعتد إلا بالثاني، فإنا بطول تدارك الركعة الأولى، وعُسْر الأمر فيها، كأنا رفضنا تلك الركعة من البَيْن (٢)، وقدرنا المزحوم كأنه أدرك هذه الركعة ابتداء، وأدرك الإمام في ركوعها.

فإن قلنا: المحسوب الركوع الثاني، فيصير مدركاً للجمعة، وإذا تحلل الإمامُ يقوم، ويصلي ركعة أخرى، وإن قلنا: المحسوب الركوع الأول، وإنما نأمره بالثاني لصورة المتابعة، فيحصل له في ظاهر الأمر ركعة ملفقة، ركوعها في الأولى وسجودها في الثانية، فهل نجعله مدركاً للجمعة بركعة ملفقةٍ؟ فعلى وجهين: أصحهما - أنه يصير مدركاً، فيقوم إذا سلم الإمام، ويصلي ركعة أخرى.

والثاني - أنه لا يصير مدركاً للجمعة؛ لأنه لم يحسب له مع الإمام ركعة متوالية الأركان، والجماعة على نظامها، وهو ركن الجمعة.

التفريع على هذين الوجهين:

١٣٨٤ - إن جعلناه مدركاً، فلا كلام، وإن قلنا: لا يصير مدركاً لها، فتتعارض الآن أصولٌ، لا يمكن التنبيه عليها إلا بعد ذكر رسم التفريع على ما ذكره الأئمة: فإذا لم نجعله مدركاً للجمعة، فهل تحسب له هذه الركعة من صلاة الظهر؟ فعلى قولين: أحدهما - تحسب.

والثاني - لا تحسب، وهذا يرجع إلى أن صلاة الجمعة ظهرٌ مقصورة؟ أم هي صلاة على حالها وانفرادها؟ وفيه قولان سيأتي ذكرهما. فإن قلنا: هي محسوبة عن ظهر، فلا كلام. وإن لم نحسبها ظهراً، فهل تنقلب صلاته نفلاً أو تبطل؟ فعلى قولين مبنيين على أصل مشهور جارٍ في مسألة معروفة: وهي أن من نوى فرضاً، ولم يحصل


(١) زيادة من (ت ١).
(٢) المعنى: كأننا رفضنا (تركنا) تلك الركعة، وأخرجناها من السياق بسبب طول تداركها، وعُسْر الأمر في استكمال سجودها.