للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عامداً، أو أخرج نفسه من الصلاة قصداً، أو سبقه الحدث، فكل ذلك على وتيرة واحدة، والاستخلاف يجري في جميع هذه الصور عندنا.

وأبو حنيفة (١) إنما يجوّز الاستخلاف إذا سبقه الحدث، ثم يقول: لا تبطل الصلاةُ بسبق الحدث، فالإمام يستخلف وهو بعينه في الصلاة.

وعندنا أنه يجري الاستخلاف مع بطلان صلاة الإمام.

وللشافعي قول في القديم أن من سبقه الحدث في صلاته لا تبطل صلاته، ولكن لا ينتظم التفريع في ذلك؛ فإن هذا القول منصوص عليه في القديم، والذي نص عليه في القديم منعُ الاستخلاف، فلا يتأتى في الترتيب تفريعُ جواز الاستخلاف على قولنا بأن سبق الحدث لا يُفسد صلاة الإمام.

ثم ما صار إليه أبو حنيفة خليّ عن التحصيل؛ فإن الاستخلاف يليق بزوال الإمام الأول عن الصلاة.

١٤٠٥ - ثم الذي نبتدئه في ذلك أن المستخلف يشترط فيه أن يَكون عقَدَ الصلاة مع الإمام أولاً، وصار من جملة المقتدين، ثم يستخلَف، فلو بطلت صلاة الإمام أولاً، وأراد أن يستخلف من لم يتحرم بالصلاة بعدُ، حتى يتحرّم ويتقدم ويؤم بهم، فهذا غير جائز في الاستخلاف. وسأذكر حكم هذه الصورة في آخر المسألة إذا تمَّمْتُ غرضي في الاستخلاف.

١٤٠٦ - فإذا ثبت أن الاستخلاف يختص بمن عقد صلاته قبل بطلان صلاة الإمام، فلا يخلو إما أن يجري هذا في الركعة الأولى، أو يجري في الثانية، فإن جرى في الأولى، فهل يشترط أن يكون الخليفة ممن سمع الخطبة؟ ذكر الأئمة فيه خلافاً في جميع الطرق. ثم الذي صححوه أن ذلك ليس بشرط؛ فإنه إذا عقد صلاتَه، صار في حكم من سمع الخطبة، وضاهى في حكمه حكمَهم.

ثم قال الأئمة: إن استخلف الإمام رجلاً مقتدياً به جاز، فلو مضى الإمام على وجهه، ولم يستخلف أحداً، فالقوم يقدّمون خليفة من جملة المقتدين بالإشارة،


(١) ر. مختصر الطحاوي: ٣٢، حاشية ابن عابدين: ١/ ٤٠٣.