للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

واتفق الأصحاب على أن ذلك جائز منهم، ثم قالوا يجب الاستخلاف في الركعة الأولى؛ فإن ذلك إذا اتفق يترتب عليه إدراك الجمعة، ولو أرادوا أن ينفردوا، لم تصح جمعتُهم، وإقامة الجمعة واجبة عليهم، فيتعين الاستخلاف لما ذكرناه.

ثم الذي ذكره الأئمة أنه إذا صح الاستخلاف، وتقدم الخليفة، استمر الناس على صلاتهم، ولا حاجة بهم إلى تجديد نية الاقتداء بالخليفة. وفائدة الاستخلاف نزول الخليفة منزلة الإمام الأول، حتى كأنه هو، ولو استمرت الإمامة من الأول، لم يكن لتجديد نية الاقتداء معنى، ولو انقطعت القدوة الأولى، لكان الظاهر في القياس انقطاع الجمعة، ثم إن كان التقديم من القوم، ولم يستخلف الإمام الأول، فيكفي عندي صَدَر (١) هذا من واحد من القوم، ولو شرطنا صدورَه من جميعهم، وهم مائة ألف مثلاً، لعسر الوصول إلى ذلك في أثناء الصلاة.

ولو تقدم واحد بنفسه، ولم يقدمه أحد، ففيه احتمال عندي؛ من جهة أنه لم يستخلفه أحد، ويظهر الجواز، من جهة أنه من القوم، فتقديمه نفسَه كتقديمه آخرَ.

والله أعلم.

١٤٠٧ - ولو قدم الإمام إنساناً، وقدم القوم آخرَ، فليس في هذا عندي نقل، والمسألة محتملة.

ولعل الأظهر أن المتَّبَع من يستخلفه القومُ؛ فإن الإمام قد بطلت صلاته، وإنما يستخلفُ بعُلْقة إمامةٍ كانت وزالت، والقوم باقون في الصلاة، وهم أولى بالاستخلاف.

١٤٠٨ - ثم ينبغي أن يجري الاستخلاف على القرب، بحيث لا يطول الفصل، فإن قضَوْا على الانفراد ركناً، ثم استخلفوا، لم يجز. وإن طوّلوا الركن الذي هم فيه، ثم استخلفوا بعد طول الزمان، ففي المسألة احتمال.

وكل ما ذكرناه مفرعّ على ما ذكره الأصحاب، من أنهم لو لم يستخلفوا في الركعة الأولى، فلا يصلّون الجمعة.


(١) صَدَر بفتحتين أي صدور، واستعمال المصدر بهذا الوزن يجري بصفة شبه دائمة على لسان الإمام.