ثم قال: سيأتي الخلاف في أن إمامَ القوم لو كان متنفلاً، فهل يصح منهم الاقتداء به في صلاة الجمعة؟ فإن صححنا ذلك، فلو دخل مسبوق واقتدى به، صار مدركاً للجمعة؛ فإن صلاة الخليفة بين أن تكون ظهراً، وبين أن تكون نفلاً، وكيفما فرض، فيصح الاقتداء به.
وإن قلنا: لا يجوز أن يكون إمام الجمعة متنفلاً، فالمسبوق المقتدي به لا يكون مدركاً للجمعة، ولكن يصح اقتداء الذين أدركوا الركعة الأولى مع الإمام الأول به؛ فإنهم لو انفردوا بتلك الركعة، لكانوا مدركين للجمعة، فليس الجماعة مشروطةً في حقهم، فلا يمتنع أن يقتدوا فيها بمتنفل، كما يسوغ ذلك في إقامة سائر الفرائض خلف المتنقل، فأما المسبوق، فالجماعة شرط في إدراكه الجمعة، ثم إذا لم نجوّز أن يكون الإمام متنفلاً، فلا يكون هو مدركاً للجمعة.
١٤١٣ - ومما يليق بترتيب الكلام ورعاية النظام فيه، أنا إذا جوّزنا استخلاف المسبوق، فقد التزمنا الحكمَ بصحة صلاته، فكأنا نفرعّ على أن ظهره صحيح، أو ينقلب نفلاً.
وأما التفريع على أن صلاته تبطل، فيؤدي إلى منع استخلافه؛ فإن من تبطل صلاته، يستحيل تقديرُه إماماً أولاً، ثم الانعطاف على صلاته بالبطلان آخراً. نعم.
إذا منعنا استخلافه، فيخرج في صلاته قولان في أنها ظهر، فإن لم تكن ظهراً، خرج قولان في أنها باطلة أو نفل.
هذا تمام القول في استخلاف المسبوق.
١٤١٤ - وبقي في إتمام الغرض من المسألة ما وعَدْنا ذكرَه من استخلاف من لم يقتد بالإمام.
وتصوير ذلك أنه لو بطلت صلاة الإمام -وقد دخل داخل ولم يقتد بعدُ- فالإمام يأمره حتى يتقدم، ويتحرّم بالصلاة، ويقتدي القوم به. فهذا نفرضه في غير صلاة الجمعة، ثم نذكره في صلاة الجمعة.
فإن جرى ذلك في غير الجمعة، فالذي يهب تقديمُه أن هذا ليس باستخلاف،