للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقد تقدم أن ترك الجمعة بعذر المطر جائز وفاقاً، وكذلك الوحل الشديد، على ظاهر المذهب.

١٤٢٥ - والمرض الذي يجوز التخلف به لا يبلغ مبلغ الذي يجوز لأجله القُعود في الصلاة المفروضة، ولكنه مقيسٌ، معتبر بما يلقاه الماشي في الوحل والمطر، وبما ينال من يفوته موتُ قريبه من [المضض] (١)، ولو كان له زوجة أو مملوك، فهو عندي على معنى القريب، ولا يبعد أن يكون المولى كذلك، فإن الأئمة لم يفصلوا في القريب بين من يقرب إدلاؤُه وبين من يبعد.

ولو كان ثمَّ مريض، فأراد أن يقوم بتمريضه، ويترك الجمعة، فإن لم يكن للمريض قريب (٢)، ولم يكن بينه وبينه سبب مما ذكرتُه، وكان لا ينال المريضَ ضررٌ بمفارقته، فيتعين حضور الجامع، وإن كان المريض قريبَه، وكذلك إن كان للمريض من يتفقده في غيبته.

١٤٢٦ - فأما إذا لم يكن لذلك المريض من يمرّضه، وكان يناله ضررٌ بغيبته، فهذا أبهمه الفقهاء، ولم يفصلوه على ما ينبغي، وأنا أقول فيه: من أشرف على الهلاك من المسلمين وأمكن إنقاذه، فإنقاذه فرض على الكفاية، ولو تركه أهلُ القُطر حتى هلك حَرِجوا من عند آخرهم، وعليه يخرج إطعام المضطر. وكان شيخي يذكر مجامع فرائض الكفايات في كتاب السير، وسنذكرها في مواضعها إن شاء الله تعالى.

وقدرُ غرضنا منه أن الذي يتعلق بفرض الكفاية، في هذا الفن الذي نحن فيه، الإنقاذُ من الهلاك، فأما إذا فرض جائعٌ قد بلغ به الجوع مبلغاً مضراً، فلست أرى تدارك هذا من فروض الكفايات؛ فإن هذا لو قيل به، لأدى إلى تأثيم خلق الله على عموم الأحوال؛ فإن الحاجة عامة، والضرر غالب في الأصحاء والمرضى. نعم يجب على الإمام تعهد هؤلاء وسد خلاّتهم من مال المصالح؛ فإن سبيل تعلّق استحقاق هؤلاء بمال بيت المال، كسبيل تعلق حق الولد الفقير بمال الأب الغني، فإذا كان في


(١) في الأصل، وفي (ط): المرض. والمثبت من (ت ١).
(٢) عبارة (ل): "فإن لم يكن المريض قريبه".