للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحمد لله، والصلاةُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتوصيةُ بتقوى الله، وقراءة القرآن، والدعاء للمؤمنين والمؤمنات.

ثم اتفقوا أنه يجب في الأولى والثانية في كل واحدة منهما الحمد لله، والصلاة، والتوصية بالتقوى، فهذه الأركان الثلاثة لا بد منها في كل خطبة.

وفي بعض التصانيف (١) أن المقصود حث الناس على التقوى، والحمدُ والصلاة، وإن وجبا جميعاًً وفاقاً، فهما في حكم الذريعتين إلى الوصية بالتقوى، ولا أصل لهذا الكلام، ولا فائدة فيه مع إيجاب الجميع.

فأما قراءة القرآن، فقد حكى شيخي أبو محمد وجهين عن أبي إسحاق المروزي في أنها معدودة من الأركان متحتمة أم هي مستحبة؟ ثم قال: إذا أوجبناها، فقد اختلف أئمتنا في محلّها، فمنهم من قال: تختص بالأُولى، فلو أخلى الخاطب الأولى من القراءة، لم يجز، وهذا القائل يقول: تشترك الخطبتان في ثلاثة أركان: الحمد، والصلاة، والحث على التقوى، وتختص الأُولى باستحقاق القراءة فيها، وتختص الثانية بالدعاء.

ومنهم من قال: الدعاء يختص بالثانية، فأما قراءة القرآن، فلا يتعين لها واحدة، بل يجب الإتيان بها في إحداهما، وهذا هو الظاهر.

وقد حكى شيخنا أبو علي في شرح التلخيص عن نص الشافعي في الإملاء أنه قال: أركان الخطبتين: الحمد، والصلاة، والوعظ. ولم يذكر قراءة القرآن، والدعاء، ولما عدّ صاحب التلخيص الأركان، لم يعدّ القراءة، ولا الدعاء أيضاً. وأما الخلاف


(١) تكررت هذه الغمزة الخفيفة (بعض التصانيف) وتبادر إلى ذهننا أنه يقصد (الحاوي) للماوردي، لما رأيناه من غمزه له في (الغياثي) والتعبير عنه بـ (بعض المصنفين) و (المتلقبين بالتصنيف) ونحوها (ر. الغياثي: فقرات: ٢٠٩، ٢٣٢، ٢٣٣، ٣٠٣).
ولكن تتبعنا الحاوي -بعد ظهوره مطبوعاً- في أكثر من موضع، فلم نجد ما أشار إليه إمامنا. رضي الله عنهم جميعاًً. وبعد أن كتبنا هذا، تبين لا أنه يعني أبا القاسم الفوراني، وقد حققنا هذا وأشرنا إليه في سابق تعليقاتنا.