للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهذا بيان شرائط الخطبة.

ومن أخص شرائطها رفعُ الصوت، وسنذكر تفصيلَ القول فيه في الفصل المشتمل على ذكر الإنصات والاستماع.

١٤٧٦ - والآن بعد ما نجز القول في الأركان، والشرائط، نذكر قولاً في آداب الخطبة وسننها جامعاً، ونعود إلى افتتاح الخطبة، فنقول:

إذا رَقِيَ الإمام على المنبر، وانتهى إلى الدرجة التي عليها مجلسه، فيُقبل على الناس ويسلّم عليهم، فأما عندنا، فالأصل في ذلك ما روى ابنُ عمر: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دنا من منبره، سلم على من عند المنبر، ثم يصعد، فإذا استقبل الناس بوجهه، سلم، ثم جلس، ثم إذا جلس أذّن المؤذّنون بين يديه الأذان المشروع" (١) وما كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر وعمر أذان يوم الجمعة قبل هذا، فلما كثر الناس في زمان عثمان، وعظمت البلدةُ، أمر المؤذّنين، حتى [أذنوا] (٢) على أماكنهم، ثم كان يؤذّن المؤذّنون بين يديه إذا استوى على المنبر، ثم الخطيب يجلس والمؤذّن يؤذن، وإذا فرغ، قام وخطب.

وينبغي أن يشغل يديه حتى لا يعبث بهما، وقد روي: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعتمد على عَنَزَةٍ، وروي أنه اعتمد على قوس، وروي على سيفٍ، وقد قيل: إنه كان في الحضر يعتمد على عَنَزَة، وكان إذا خطب في السفر اعتمد على قوس أو سيف" (٣) والأمر في ذلك قريب.


(١) حديث ابن عمر، رواه ابن عدي، أورده في ترجمة عيسى بن عبد الله الأنصاري، وضعفه، وكذا ضعفه ابن حبان. ورواه ابن أبي شيبة عن مجالد عن الشعبي مرسلاً، ورواه البيهقي (ر. التلخيص: ٢/ ٦٢ ح ٦٤١، ومصنف ابن أبي شيبة: ٢/ ١١٤، والسنن الكبرى: ٣/ ٢٠٥، والكامل: ٥/ ١٨٩٣، وخلاصة البدر: ١/ ٢١٤ ح ٧٤٦).
(٢) في الأصل، وفي (ط): إذا دنوا.
(٣) حديث اعتماد الرسول صلى الله عليه وسلم على عنزته رواه الشافعي مرسلاً، وحديث الاستناد على القوس رواه أبو داود، وقال الحافظ: "إسناده حسن، وصححه ابن السكن، وابن خزيمة، وله شاهد من حديث البراء بن عازب" عند أبي داود أيضاً. (ر. أبو داود: الصلاة، باب الرجل يخطب على القوس، ح ١٠٩٦، وباب: يخطب على قوس، =