للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

في الاستماع والإنصات وما يتعلق به

١٤٧٨ - القول في ذلك ينقسم إلى ما يتعلق بالواجب، وإلى ما يتعلق بالآداب، فلتقع البداية بالأهم، وهو ما يجب، ويتحتم، فنقول:

نقل الأئمة قولين في أنه هل يجب على من حضر الصمتُ والإنصاتُ، وهل يحرم عليه الكلام؟ فالذي نص عليه الشافعي في القديم أنه يجب الإنصاتُ، وإدامةُ الصمت على من حضر، وتمكن من الإصغاء والاستماع، وهذا مذهب أبي حنيفة (١).

والمنصوص عليه في الجديد أنه لا (٢) يحرم الكلام على من شهد، ولا يتعين الصمت.

١٤٧٩ - فمن قال: يجب، استدل بقوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [الأعراف: ٢٠٤] وقد قال المفسرون: المراد بالقرآن الخطبة، وإنما سميت قرآناً لاشتمالها على قراءة القرآن. ومن قال: لا يجب الصمتُ، استدل بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم تكلم في أثناء خطبته بما ليس من الخطبة، فإذا كان لا يحرم على الخطيب أن يتكلم بما ليس من الخطبة، لم يحرم على المستمع أن يتكلم أيضاً، وقد روي: "أنه دخل داخل ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة، فقال: يا رسول الله، متى الساعة؟ فقال عليه السلام: "ماذا أعددت لها" فقال: حب الله ورسوله، فقال صلى الله عليه وسلم: "المرء مع من أحب" (٣) ولم يرد على من كلمه (٤)، ولو كان تكلُّمُ من حضر حراماً، لبين رسول الله صلى الله عليه وسلم.


(١) ر. المبسوط: ٢/ ٢٨، بدائع الصنائع: ١/ ٢٦٣، حاشية ابن عابدين: ١/ ٥٥١.
(٢) في (ت ١): أنه يحرم. وهو خلاف المنصوص (ر. الأم: ١/ ١٨٠).
(٣) حديث "أن رجلاً دخل والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب ... " رواه ابن خزيمة، وأحمد، والنسائي، والبيهقي، عن أنس. (ر. النسائي في الكبرى: العلم، باب إذا سئل العالم عما يكره، ح ٥٨٧٣، أبن خزيمة: ٣/ ١٤٩ - ح ١٧٦٩، وأحمد: ٣/ ١٦٧، والبيهقي: ٣/ ٢٢١، والتلخيص: ٢/ ٦ - ح ٦٣٧).
(٤) كذا في النسخ الثلاث، ولعل المعنى: ولم يردّ عليه كلامه، ويرفضه. هذا. وقد ضُبطت في =