للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونحن نطرد عليه ما ذكره الأئمة في التفريع، ونسوقه أحسن سياق، ثم نذكر غوائلَ يقع التعرض لها، وليستوف الناظر تمام الفصل؛ فإنّ كشف مبادئه في استتمامه.

١٤٨٠ - قال شيخي: إذا أوجبنا الإنصات والإكباب على الاستماع، فلو دخل داخلٌ وسلم، لم يجب على الحاضرين ردُّ سلامه، بل لا يجوز لهم ردُّ سلامه، فإنا نفرع على إيجاب الإنصات وقطع الكلام، فإن قيل: ردّ السلام من فروض الكفايات.

قلنا: ذاك في حق من لم يضيع السلام، فوضَعه (١) في غير موضعه، ومن سلم على رجل وهو في أثناء حاجة يقضيها، لم يستحق ردَّ السلام، وسيأتي تفصيل ذلك في كتاب السِّيَر، إن شاء الله عز وجل، ففيه تفصيلُ فرائض الكفايات، وما يتعلق بها، فليس إذن للداخل أن يسلّم، وإذا سلم، لم يستحق جواباً، ولا يجوز للحاضرين أن يردّوا عليه، على القول الذي عليه نفرعّ.

١٤٨١ - ولو عطس عاطس، فهل يجوز تشميته؟ فعلى وجهين، أحدهما - لا يجوز قياساً على رد السلام، والثاني - يجوز؛ فإنه لا اختيار للعاطس، فهو معذور، فحقه أن يُقضَى حقه، ومن أدب الدين أن يُشمَّت المسلمُ إذا عطس، فأما رد السلام، فلا؛ لأن المسلم ضيع سلام نفسه، وكان مختاراً فيه.

فإن جوزنا تشميتَ العاطس، فهل يُستحبُّ؟ فعلى وجهين: أحدهما - بلى (٢)، رعايةً لحقه.


= (ت ١) هكذا: "ولم يرُد عليّ من كلمةِ". وفيه ما فيه.
(١) في (ل): "بوضعه".
(٢) كذا في النسخ الثلاث. وهو خلاف المعروف المشهور من قواعد اللغة؛ فإن (بلى) حرف جواب، يجاب به في النفي خاصة، ويفيد إبطاله. (ر. ابن هشام - مغني اللبيب عن كتب الأعاريب: ١٥٤، والمعجم الوسيط).
ولكن وقع في كتب الحديث ما يقتضي أن (بلى) يجاب بها الاستفهام المجرد، ففي صحيح البخاري: كتاب الإيمان (٨٣) باب كيف كانت يمين النبي صلى الله عليه وسلم (٣) ح ٦٦٤٢: "أترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة؟ قالوا: بلى" وباللفظ نفسه عند ابن ماجة، وفي صحيح مسلم: كتاب الهبات (٢٤) باب (٣) "كراهة تفضيل بعض الأولاد في الهبة": "أيسُرُّك أن يكونوا إليك في البر سواء"؟ قال: بلى. قال: فلا، إذاً" - ح ١٧ - (١٦٢٣)؛ =