للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جمعتان شرقية وغربية، وينبني عليه أن كل بلدة يتوسط عماراتها نهر لا يُخيضُ ولا يُخاض (١) إلا بالسفن، أو السباحة، فحكمها حكم بغداد.

ومن قال: إنما يجوز ذلك لأهل بغداد لكثرة الناس - وهو تخريج ابن سُرَيْج، فعلى هذا لو ازدحم أهل بلدة، وكثروا، وكان يضيق عنهم موضع، فيجوز تعديد الجمعة على حسب الحاجة إذن.

ومن قال: سبب تجويز تعدد الجمعة في بغداد أنها كانت قرى، فاتصلت، فلا يجوز ذلك إلا في بلدة تتفق كذلك.

ثم تردد صاحب التقريب في هذا، فقال: القرى إذا اجتمعت وصارت بلدة، كما فُرض في بغداد، وصارت القرى كأنها [حارات و] (٢) محالّ، فيحتمل أن تثبت على ما هي عليه من حكم التفرق، كما ذكره الأصحاب، ثم قال: على حسب هذا، لو تجاوز هامّ بالسفر قريةً من تلك القرى إلى أخرى، والعمارة متصلة، فينبغي أن يترخص برخص المسافرين؛ فإنه لم يثبت لها حكم الاتحاد. قال: ويحتمل أن يقال: إذا اجتمعت، زال حكم التفرق منها. وصارت البقعة كأنها بنيت على الاتحاد إذ بنيت، فعلى هذا يمتنع إقامة الجمع في تلك البقاع التي كانت قرى بعد التواصل، كما يمتنع في البلدة التي لم تعهد (٣) إلاّ على الاتحاد.

فهذا تفصيل القول في بغداد.

١٤٩٤ - فأما ما عداها من البلاد إذا لم يوجد فيها ما يسوّغ الزيادة على جمعة واحدة على التفاصيل المقدمة المستفادة من بغدادَ وعِلَلِها، فلا بدّ من الاقتصار على جمعة واحدة، وهو مذهب معظم الأئمة.


(١) خاض الماءَ خوضاً، وخياضاً: دخله ومشى فيه، وأخاض القومُ: دخلت خيلُهم في الماء وأخاضوا خيلَهم الماءَ، وفيه، وأخاض الماءَ: خاضه. (القاموس، والمختار، والمعجم).
(٢) زيادة من (ل).
(٣) (ت ١): لم تعهد الاتحاد.