للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأجاز أبو يوسف عقدَ جمعتين، ولم (١) يجوز الثالثة.

والأصل المعتمد فيه أن الجمعة شُرعت لجَمْع الجماعات، والغرض منها إقامة هذا الشعار في اجتماع الجماعات في كل أسبوع مرة، وإنما يتأتى هذا الغرض بإيجاب الاقتصار على جمعة واحدة. ولو ساغت الزيادة على واحدة، لم ينحصر القول بعد ذلك، وآل مآل الكلام إلى تنزيل هذه الصلاة منزلة سائر الصلوات، فإذاً لا نزيد على واحدة.

١٤٩٥ - ولو فرضت جمعتان حيث نمنع، فإذا تقدمت إحداهما وسبقت، فهي الصحيحة، والثانية ليست جمعة، وإذا تقدمت واحدة، وتعيّنت -وقد اختلف أئمتنا فيما يقع به السبق والتقدم، فذهب بعضهم إلى أن الاعتبار بعقد الصلاة- فكل (٢) صلاة تقدم عقدُها فهي الجمعة، وهذا هو الأصح.

ومنهم من قال: الاعتبار بالخوض في الخطبة، فإذا تقدّم ذلك في أحد الجامعين، فهم المقيمون للجمعة، وإن تأخر عقد الصلاة منهم، وهذا له التفات على أن الخطبتين بمثابة ركعتين.

وذكر العراقيون وجهاً ثالثاً: أن الاعتبار بالتحلل، فكل صلاة سبق التحلل عنها، فهي الجمعة، وهذا ردىء لا اتجاه له أصلاً.

١٤٩٦ - ثم لو سبقت واحدة على ما وصفنا السبقَ، ولكن كان السلطان في الجمعة المسبوقة، فقد ذكر شيخي في ذلك وجهين: أحدهما - أن الحكم للجمعة التي فيها الوالي؛ فإن لهذه الصلاة ارتباطاً بالسلاطين، فالرجوع إليهم. وهذا بعيد عن مذهب الشافعي؛ فإنه لا اعتبار في الجُمع عندنا بالوُلاة من طريق الاستحقاق، ولكن الأَوْلى أن يراجَعوا، والأصح أن الاعتبار في السبق بما قدمناه قبلُ.

ولو وقعت الجمعتان معاً، ولم تتقدم واحدة على الأخرى، لم تنعقد واحدة منهما


(١) (ت ١): ولا.
(٢) جواب إذا.