للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الانفلال (١) في القتال، ثم تغيير هيئة الصلاة لا يجوز بشيء يحتاج في تصويره إلى [كل] (٢) هذا التدقيق، بل إنما يجوز لأمر ظاهر يبلغ مبلغ الحاجة الشديدة والضرورة، فلا مطمع في العمل إلا برواية خوات في صورة يتضح فيها ما رواه ابن عمر.

١٥١٥ - وكل ما قدمناه من التطويل تحويم على البوح بذلك؛ إذ لو كان يسهل تصوير صورة لائقة بتلك الروايات (٣)، لابتدرنا القول بتنزيل كل رواية على حالة تقتضيها؛ فإنه لا يبعد تجويز تغاير في الصلاة بسبب اختلاف الأحوال في القتال، فإنا سنجوز صلاة عُسفان كما سيأتي لحَالة اقتضتها، وسنذكر احتمال تغايير ظاهرة في الصلاة عند شدة الخوف، فإذن لا مستند لتصحيح ما رواه ابن عمر إلا الرواية المحضة، وقد قدمنا أن رواية خوات مقدمة من طريق الترجيح.

ونحن الآن نعود إلى صحة (٤) تفصيل القول في رواية خوات بن جبير، فنقول أولاً: الرواية ما قدمناها في كيفية الصلاة، وفيها أنه لما جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم للتشهد، قام القوم إلى الركعة الثانية، ورسول الله عليه السلام لم يسلم، حتى لحقه القوم ثم سلم. وقد وافق مذهبُ مالك (٥) روايةَ خوات، غير أنه رأى أن يتشهد القوم، ويسلم الإمام، ثم يقومون، ويصلون ركعة كما يفعله المسبوق بركعةِ.

هذا مذهب مالك، وقيل: إنه قول قديم للشافعي، ولست أدري أن مالكاً روى ما رآه أم هو اختياره من طريق المعنى، ولم يسنده إلى رواية؟ أما الشافعي، فقد روى عن مالك كيفيةَ الصلاة كما سردناها.

والذي يتعين ذكره الآن أن ما ذكره مالك -هو القول القديم- لا شك في صحته؛


(١) الانفلال: الهزيمة، وفي (ل): الانقلاب. وهو تحريف ظاهر.
(٢) في النسخ الثلاث: حل. وهو تصحيف نشأ عن أنهم كانوا في أول الأمر لا يكتبون [عكفة] الكاف. بل يكتفون برسمها هكذا (ـ ل) = كل. وقد صدقتنا نسخة (ل).
(٣) في (ل) "الرواية".
(٤) في (ت ١): كيفية، وفي (ل): إلى تفصيل.
(٥) ر. جواهر الإكليل: ١/ ١٠٠، حاشية العدوي: ١/ ٣٤٠، حاشية الدسوقي: ١/ ٣٩٢.