للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في مقدار ركعتين من الصلاة، وكان الذي يليق بالحال أن تبادر كل طائفة إلى أماكنها إذا فرغت من ركعة، فهذا عسر في التصوير جداً؛ فإنَ انتهاء (١) الأمر إلى حالة لا تحتمل مقدار ركعة خفيفة في تفريق الفريقين بعيد عن إمكان الإدراك. على أن هذا كيف يُتخيّل، وما كان يقف إلى تمام الركعتين الطائفتان جميعاًً في وجاه العدو، وقد يتوقع من الزوال وتبدل الواقفين خلل عظيم في القتال، ولم ينقل الناقلون في غزوة ذات الرقاع إلا صلاة واحدةً، فالوجه ترجيح رواية خوات بكثرة الرواة وموافقته ما تمهد في قاعدة الصلاة، من ترك الأعمال من غير حاجة، والترجيح من المسالك المقبولة في تقديم رواية على رواية.

١٥١٤ - فإذا تمهد الكلام على الروايتين، فليقع التفريع على ألا تصح الصلاة إلا كما رواه خوات، وليعلم الناظر أن النبي عليه السلام إنما فعل ما رواه خوات لمسيس الحاجة إليه، وكان أصحابه يؤثرون الاقتداء به، وألاّ تفوتَهم الجماعة معه، فرأى أقربَ الطرق في التسوية بين الطائفتين، وألْيَقها بالحال ما ذكرناه.

وقد قال الأئمة: كان العدو منحرفاً عن جهة القبلة، وكان الحال في القتال يوجب تفريق الجند، في مثل ذلك الزمان، فتنحى بطائفة إلى مسافةٍ لا ينالهم سهامُ الأعداء، هكذا الأمر في غزوة ذات الرقاع، فإن اتفقت حالةٌ تدانيها، أقمنا مثل تلك الصلاة فيها.

فإن تكلف متكلف في التصوير، وقال: لو كان الأمر بحيث لا تقوى طائفةٌ على المصابرة إلا في زمان ركعة، فإذا انحازت وصلت ركعة، وأجمتْ نفسها، فقد تقدر على المطاردة بما استروحت إليه من ترك القتال، ولا تقدر على المصابرة في القلّة والانفراد في مقدار ركعتين، فهذا تكلف بعيد، سبق الكلام عليه، [ووضح] (٢) أن هذا التفاوت في مقدار ركعة لا يضبطه الحس والإدراك، ثم التردد والمشي والعود إلى الصف أشق وأعظم خطراً؛ فإن الاضطراب والمجيء والذهاب قد يكون سببَ


(١) في (ت ١): انتهى.
(٢) في الأصل، (د ١): وصح. والمثبت من (ت ١)، وبمثلها جاءت (ل).