للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بها، فهي محمولة على غزاة متقدمة، وما جرى فيها من كيفية الصلاة في حكم الناسخ لما تقدم".

فهذا مسلك. وفيه إشكال، فإن الشافعي لا يرى النسخ بالاحتمال، وما لم يتحقق تقدم المنسوخ بالتاريخ على الناسخ، فادعاء النسخ [يبعد] (١) وينأى عن أصله.

١٥١٢ - وإن جرينا على الطريقة الأولى، وجوزنا الصلاة على موجب الروايتين جميعاًً، ورددنا الأمر بعد ذلك إلى الأوْلى، فقد قرب الأمر في الكلام على الحديث.

١٥١٣ - وإن لم نر العمل في غزاة ذات الرقاع إلا برواية خوات، ولم يثبت عندنا ناسخ على تحقيق، فوجه الكلام أن يقال: إن كانت الحالة مما تحتمل ما رواه خوات، فبعيد جداً تصحيح الصلاة مع الترددات وكثرة الأعمال، والمصير إلى التخيير -والحالة هذه- بعيدٌ عن القاعدة.

وإن انتهى الأمر إلى حالة كان لا يتأتى فيها احتمال بقاء كل طائفة على مصابرة العدو


= قال: "والصحيح المشهور، صحة الصلاتين، لصحة الحديثين، ودعوى النسخ باطلة.
وهذا القول نص عليه الشافعي في الجديد في كتاب الرسالة" ا. هـ. بتصرفٍ يسير (المجموع: ٤/ ٤٠٩).
ولما كان إمام الحرمين أشار في (البرهان) إلى نسبة القول بالنسخ إلى الشافعي، وعاد فكرر ذلك هنا مؤكداً له، فقد أجهدت نفسي وبذلت وُسعي بحثاً في كتب الشافعي، وكل ما وصلت إليه يدي من كتب المذهب، فلم أجد من نسب هذا إلى الشافعي، وأخيراً أكرمنا الله سبحانه، وتوج جهدنا، حيث وجدت ابن حجر يقول في الفتح: "ونقل عن الشافعي أن الكيفية في حديث ابن عمر منسوخة، ولم يثبت ذلك عنه" (ر. فتح الباري: كتاب المغازي، باب (٣١) غزوة ذات الرقاع: ٧/ ٤٢٤) فهل يردّ ابن حجر بذلك على إمام الحرمين، ويعنيه بأنه النافل عن الشافعي نسخ حديث ابن عمر؟ ولم يصرح بذلك؟
ويبقى بعد ذلك أن النووي رضي الله عنه -كما فهمنا من عبارته- لم يصل إليه، أو لم يثبت عنده أن هناك من نقل عن الشافعي دعوى النسخ.
ثم إن إمام الحرمين أيضاً ردّ دعوى النسخ، ورآها (مُشْكلة)، لا تتفق مع أصل الشافعي في أن النسخ لا يثبت بالاحتمال.
(١) تقديرٌ منا مكان بياض قدر كلمة في النسخ الثلاث، ولعلنا وافقنا الصواب. والحمد لله وافقتنا (ل).