للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم اتفق الأئمة على أنه لا يجوز الاستسلام لكافر من غير فرق بين أن يكون حربياً أو ذمياً؛ فإن الاستسلام للكافر ذلٌّ، وتمكين له من الجناية على الإسلام، وكان شيخي يقول: القولان فيه إذا قصده مسلم مكلَّف يبوء بإثمه، كما ذكره الله تعالى في قصة ابني آدم.


= وواضح من سياقة إمام الحرمين لهذا الحديث، أن إمام الحرمين يعتمد سنن أبي داود، ويرجع إليها؛ فقد ساقه بلفظ أبي داود نفسه، فلعله الكتاب الذي يشير إليه أحياناً بقوله: "وفي الكتاب الذي يرجع إليه".
ولكن ما رواه إمام الحرمين ليس من حديث (حذيفة) بل هو من حديث أبي موسى الأشعري، والرواية الأخرى، هي من حديث أبي ذرّ رضي الله عنهم جميعاًً.
ملحوظة: لعل من حقنا أن نعجب من تحامل ابن الصلاح على إمام الحرمين، ومتابعة الحافظ بن حجر له. جاء في التلخيص عن هذا الحديث الذي رواه إمام الحرمين ما نصه: "حديث حذيفة: "كن عبد الله المقتول، ولا تكن عبد الله القاتل" هذا الحديث لا أصل له من حديث حذيفة، وإن زعم إمام الحرمين في النهاية أنه صحيح، فقد تعقبه ابن الصلاح، وقال: "لم أجده في شيء من الكتب المعتمدة، وإمام الحرمين لا يعتمد عليه في هذا الشأن".
هذا ما ذكره الحافظ في التلخيص عند تخريج الحديث، ولست أدري أئذا استدلّ الإمام بحديث صحيح، وغلط في نسبته إلى الصحابي الذي رواه أيقال له: "هذا باطلٌ لا أصل له"؟ أم يقال: إنه حديث صحيح لكن دخله الوهم في نسبته إلى حذيفة؟، فالفرق شاسع جداً بين "باطل لا أصل له" أي لم يقله رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبين أن يكون الحديث صحيحاً في نسبته إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن الخطأ في اسم الصحابي الذي رواه؟! ولا يخفف من وقع هذا التعبير وقسوته أنه أكمله أو أتبعه بقوله: من حديث حذيفة، أي "لا أصل له من حديث حذيفة" والحديث رواه حذيفة أيضاً، وإن لم يكن على النحو الذي ساقه إمام الحرمين، وقال عنه الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، وسكت عنه الذهبي. (ر. التلخيص: ٤/ ٨٤ ح ٢١٤٥، أبو داود: الفتن، باب النهي عن السعي في الفتنة، ح ٤٢٥٧، ٤٢٥٩، ٤٢٦١، وصحيح سنن أبي داود: ٣/ ٨٠٢، ٨٠٣ ح ٣٥٨١، ٣٥٨٢، ٣٥٨٣، وسنن ابن ماجة: كتاب الفتن، باب التثبت في الفتنة، ح ٣٩٥٨، ٣٥٦١، وصحيح ابن ماجة: ٢/ ٣٥٥، ٣٥٦ ح ٣١٩٧، ٣٢٠٠، وسنن الترمذي: الفتن، باب ما جاء في اتخاذ سيف من خشب في الفتنة، ح ٢٢٠٤، وصحيح الترمذي: ٢/ ٢٣٩ ح ١٧٨٥، وخلاصة البدر المنير: ٢/ ٣٣٠ ح ٢٤٧٩).