للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا حسنٌ. ولكن موضع النظر أنه إذا كثر الغزل، فلا بد وأن يظهر مع الإبريسم، وإذا ظهرا جميعاًً، لم تعظم الخيلاء، ولم يُعدّ الملبوس حريراً.

١٥٦١ - فإن قيل: فهلا اتبعتم اسمَ الحرير؟ فإنه الذي حرّمه رسول الله صلى الله عليه وسلم، [والعتابي] (١) وإن ظهر، وكثر منه الإبريسم، لا يُعدّ حريراً؟ قلنا: الغزلُ يستعمل في النفيس منه لإقامة الإبريسم، فهو المقصود، وما معه في حكم الاستصلاح له، فإذا كثر، وظهر، فالتحريم قطعاً لا غير.

وإن لم يكن كذلك، ففيه الطريقان: من أئمتنا من راعى المقدار، والصحيح مراعاة الظهور، وإن كان الإبريسم أقل.

١٥٦٢ - ولو اتخذ الرجل جبة حشوها قزٌ أو إبريسم صافي، والظهارة والبطانة قطن أو كتان، فلا خلاف في جواز ذلك؛ فإنّ الحشوَ ليس ثوباً منسوجاً، وليس صاحبه معدوداً لابسَ حرير.

ولو لبس مبطّنة، وكانت بطانتها حريراً، وكانت الظهارة البادية خزّاً، أو قطناً، فلُبسه حرام، ولا ينبغي أن يُخرَّج هذا على ما سبق في الأواني من فرض إناءٍ من الذهب قد غشي بالنحاس.

وفي هذا سر ينبغي أن ينبه عليه، وهو أن المعنى المعتبر في الأواني الفخر والخيلاء، [وهذا المعنى] (٢) ليس يجرى اعتباره في لبس الحرير، والدليل عليه، أنا


(١) في الأصل، (ط): العناني، والمثبت من (ت ١)، و (ل) وآثرناه، لأنه تردد في أبواب البيع الآتية إن شاء ولم أجده في أي من المعاجم التي رجعتُ إليها، ولعله اسمٌ لصنف من الثياب كان معروفاً في عصر إمام الحرمين. ثم قد وجدتُ هذا اللفظَ (العتابي) -بالتاء والباء- في الوسيط، وفي مشكل الوسيط، فتأكد أنه نوع من الثياب، وقد أجهد ابن الصلاح رضي الله عنه نفْسَه، وأطال نَفَسَه في الكلام على أنواع الأنسجة والخلاف بينها، وبين "أنه قد يتوهم أن سَدى كل ثوب مطلقاً أظهر من لُحمته، وأن اللحمة مطلقاً أكثر، وأن ذلك ليس كذلك، بل يختلف باختلاف الصنعة" ثم أشار إلى أن الصحيح عند إمام الحرمين مراعاة الظهور، وعند الغزالي أن الأرجح مراعاة اللون، وقال: "هذا أصح، وإليه ذهب أكثر الأصحاب" ا. هـ (ر. الوسيط: ٢/ ٣٢٠، ٣٢١، ومشكل الوسيط بهامشه في الموضع نفسه).
(٢) مزيدة من (ت ١)، (ل).