للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" (١). ويخرّج هذا المنعُ على عللٍ منها: أن من افتتح الصلاة الآن ولم يكن مولوداً ولا موجوداً يوم توفي المصطفى صلى الله عليه وسلم، وقد تقدم في الطريقة المرضية أن هذا يُمنع من إقامة الصلاة على القبر.

وذكر الشيخ أبو علي للمنع معنى آخر مأخوذاً، من الحديث: وهو ما روي أنه صلى الله عليه وسلم قال: "أنا أكرم على ربي من أن يتركني في قبري بعد ثلاث" (٢)، وروي أكثر من يومين. وإذا كان كذلك، فلا معنى للصلاة على قبره.

ثم ذكر الشيخ أبو علي وجهاً عن بعض الأصحاب أنه تجوز الصلاة على قبره صلى الله عليه وسلم، ثم قال: ونحن وإن جوّزنا ذلك، فلا يجوز أن يصلَّى عليه جماعة، بل يُصلّى عليه أفراداً، وهذا القائل يحمل المنع من اتخاذ القبر مسجداً على إقامة الجماعة. وتنزيل القبر في ذلك منزلة المساجد المهيأة للجماعات. والعلم عند الله تعالى.

١٧٣٧ - ومما يتعلق بالقول في الصلاة على القبر أنا وإن جوزنا الصلاةَ بعد الدفن، وقلنا أيضاً: إنه لو دفن ميت، ولم يصلّ عليه، لم ينبش، بل يصلى عليه مدفوناً، فلا يجوز مع هذا كلِّه تأخيرُ الصلاة إلى ما بعد الدفن. ولو فُعل ذلك قصداً حَرِج به أهلُ الناحية، وإن وقعت الصلاة موقعها بعد الدفن. وهذا بيّن لا شك فيه.


= لا تجعل قبري وثناً يعبد، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" مالك عن عطاء بن يسار، وأحمد عن أبي هريرة وعند أبي داود، من حديث أبي هريرة: "ولا تجعلوا قبري عيداً" (ر. الموطأ ١/ ١٧٢، كتاب قصر الصلاة: ح ٨٥، والمسند: ٢/ ٢٤٦، وأبو داود: ٢/ ٥٣٤، كتاب المناسك، باب (١٠٠) زيارة القبور، ح ٢٠٤٢).
(١) حديث "لعن الله اليهود ... " متفق عليه من حديث عائشة، وأبي هريرة. (ر. اللؤلؤ: ١/ ١٠٧ ح ٣٠٦، ٣٠٧، ٣٠٨).
(٢) حديث "أنا أكرم ... " قال الحافظ: لم أجده هكذا، لكن روى الثوري في جامعه: "ما يمكث نبي في قبره أكثر من أربعين ليلة حتى يرفع" ثم أورد الحافظ حديثاً عن أنس مرفوعاً: "مررت بموسى ليلة أسري بي، وهو قائم يصلي في قبره، وذكر أحاديث أخرى، وقال: إنها تقدح في هذه الأحاديث، ثم ذكر أن البيهقي أفرد جزءاً في حياة الأنبياء في قبورهم، فليراجع. كذا قال. (التلخيص: ٢/ ١٢٥ ح ٧٧٦).