للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنهم من قال: يتعين تحصيلُ الشقص من النوع المتروك؛ فإنه كان الساعي مأموراً بأخذه ابتداءً، فأخطأ.

وظاهر النص ما ذكره الأصحاب في الوجهين - أنه يتعين نوع عند الكافة، حيث انتهى التفريع إليه. والخلاف فيما يتعين.

ولا يبعد عن القياس عندي في هذا المقام تخييرُ المالك، حتى يقال: إن شاء أخرج من نوع المأخوذ، وإن شاء أخرج من النوع الآخر، بعد أن يتحقق جبران النقصان. وقد أشار إلى هذا بعض المصنفين، وهو متّجه (١)، فتحصل إذاً ثلاثةُ أوجه.

١٧٧٦ - ومما يتعلق بتمام البيان في ذلك أنا إذا جوّزنا له إخراجَ الدراهم، ففي إجزاء إخراج الشقص أدنى نظر، لما فيه من العُسر والتعذر على المساكين، ولهذا اعتبر الشارع الأوقاص بين النصب؛ إذ لو أوجب في كل ما يزيد بحسابه، لاقتضى ذلك إيجابَ قسطٍ. ولمَّا كان التبعيض غيرَ متعذر في النَّقدين، فلا وقصَ عند الشافعي بعد وجوب الزكاة، بل في كل ما زاد بحسابه. فظاهر المذهب أنه إن أخرج شقصاً أجزأه، ولكن لا يلزمه، بل له إخراج الدراهم.

١٧٧٧ - ثم قال صاحب التقريب: إن قلنا: يتعين إخراج شقص، فلو كان لا يوجد بمقدار الجبران شقص -قال- فالوجه قبول الدراهم في هذه الحالة؛ إذ لا سبيل إلى تكليفه ما لا يقدر عليه، ولا وجه لتأخير حق المساكين، وردد قولَه في غير هذا، مشيراً إلى أنه يتوقف إلى أن يجد جزءاً من بعير.

وهذا بعيد جداً غيرُ معتد به.

ثم قال: لو ملك خمساً من الإبل وواجبها شاة، فلو كان لا يجد جنسَ الشاة أصلاً، فيؤخذ منه قيمةُ شاةٍ على تقدير الوجود. وحكى الوفاق في هذا. قال: والسبب في الوفاق أن الشاة في وضعها خارجة عن جنس المال، فاحتمل في ذلك قيمة الشاة عند الضرورة.


(١) إنصاف لـ (بعض المصنفين)، فلْيُحفظ ذلك.