للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: إنه لو تلف شيء من الوقص بعد الحول، يسقط قسطٌ من الزكاة، وكل ما لا تزيد الزكاة بزيادته، يبعد أن تنقص بتلفه ونقصانه.

ومن نصر القول القديم، احتج باتحاد الجنس والصفة واتصاف جملة المال بالكثرة، فلا معنى لتخصيص تعلق الزكاة بالبعض، وقد استشهد هذا القائل بما لو سرق السارق نصاباً وزيادة؛ فإن وجوب القطع يتعلق بالجميع، ولا يختص بمقدار النصاب. ولم يَحْكِ الأئمة في ذلك تردداً.

ولا يبين الغرض فيما ذكرناه إلا بالتفريع.

وذهب كثير من الأئمة إلى أن من ملك نصابين مثلاً، مثل أن يملك عشراً من الإبل، ولزمه شاتان، فتنحصر كل شاة في الخمسة، ولا تنبسط كل شاة على جميع العشر، وهذا فيه نظر بيّن، ومستدرك عظيم، سنذكره، إن شاء الله تعالى.

فهذا أحد الأصول.

١٧٨٧ - ومن الأصول القولُ في الإمكان، فإذا حال الحول على نصابٍ زكاتي، ولم يتمكن المالك من تفريق الزكاة على المستحقين -كما سنصف الإمكان ومعناه- فهل نحكم بوجوب الزكاة، أو نقول يتوقف وجوبها على تحقق الإمكان، ووجود التمكن من تفرقة الزكاة؟ المنصوص عليه في الجديد أن الزكاة تجب بحولان الحول، ولا يتوقف وجوبها على الإمكان، ونصّ في القديم على أن الزكاة لا تجب إلا عند التمكن من الأداء.

توجيه القولين: من قال: الإمكانُ شرطُ الوجوب احتج بأن التكليف شرطه الاستطاعة، والشريعة مبناها على امتناع تكليف ما لا يطاق، فلا يستقيم إذن الحكم بالوجوب مع نفي الإمكان، والدليل عليه الحج مع الاستطاعة؛ فإنه لا يُقضَى بوجوبه دونها.

ومن قال: الإمكان ليس شرطَ الوجوب؛ قال: ثبوت الزكاة ووجوبُها حقاً لله تعالى متميز (١) على أدائها وتفريقها على مستحقيها، ونحن نرى الزكاة في قاعدة


(١) "متميزٌ" بالرفع خبر (ثبوت).