فقد اختلف قول الشافعي في المأخوذ زكاةً منها، فقال في أحد القولين: ينظر إلى غالب ماله، فإن كان أكثره ضأناً، طلبنا جذعة من الضأن، وإن كان أكثره معزاً طلبنا ثنية من المعز.
والقول الثاني: أنا ننظر إلى كل صنف، ونحرص أن نأخذ من كل بقسطه على ما سنفصله في التفريع.
توجيه القولين: من قال: ينظر إلى الأغلب الأكثر، استدل بأنا لو تكلفنا النظر إلى كل نوع، فقد تكثر الأنواع في الماشية، وتكون الزكاة حيواناً واحداً، وذلك يعسر جداً، على ما سنبيّن عسره في التفريع.
ومن قال: ينظر إلى كلّ صنف، بناه على قاعدة القياس في الصنف إذا اتّحد، شريفاً كان أو خسيساً؛ فإنا نؤثر أن نأخذ من نوع المال، فيلزم هذا الأصل في اختلاف الأنواع.
١٨٣١ - التفريع: إن قلنا: نأخذ من غالب ماله، فلو ملك خمساً وعشرين من المعز، وخمسة عشر من الضأن، اكتفينا منه بثنية من المعز، كنا نأخذها لو كانت غنمه كلها معزاً، ولو كان الأكثر ضأناً، طلبنا جذعة من الضأن، كنا نطلبها لو تمحّض المال ضأناً.
ولو استوى النوعان في المقدار، فقد نزّل الأئمة هذا في التفريع، منزلة ما لو اجتمع في الإبل البالغة مائتين الحقاقُ وبناتُ اللبون، فظاهر المذهب أن الساعي يأخذ الأشرف، والأصلح، فكذلك ها هنا.
ومن قال ثَمَّ: الخِيَرةُ إلى المالك، يَطْردُ هذا القياسَ هاهنا أيضاً.
وإن قلنا: ننظر إلى كل نوع، فليس المراد به أنا نأخذ نصف ضأنية، ونصف ماعزة؛ فإن التبعيض فيهما عسر.
ولو بذل المالك أشقاصاً، ورضي بها الساعي، لم يَجُزْ، ولم يقع موقع الاعتداد وفاقاً، ولكن المراد باعتبار الأصناف، أنه إذا ملك عشرين من الضأن، وعشرين من المعز، وكانت الثنية من المعز تساوي اثني عشر، والجذعة من الضأن تساوي