للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنهم من قال: علة التخيير بين إخراج شاة [هاهنا] (١) أو بالبلدة الأخرى أن المالك واحد، والمال منقسم، فله بكل بلدة من البلدتين عُلقة، فنفرع عليه التخيير فيما ذكرناه.

١٨٣٧ - وينبني على هاتين العلتين مسألة وهي أنه إذا كان له أربعمائة من الغنم في أربع بلاد، فواجبها أربع شياه، والتفريع على منع النقل، فإن عللنا بالتبعيض في الصورة المقدمة، فلا يجوز النقل في هذه الصورة؛ بل يتعين إخراج شاة بكل بلدة، وإن علّلنا بأن له بكل بلدةٍ عُلقة، وجنس المال متحد، فهو بالخيار: إن شاء فرّق الشياه، كما ذكرناه في البلاد الأربعة، وإن شاء جمعها في بلدة، أو كما يشاء بعد (٢) أن لا يتعدى الأربع البلاد ولا يبعض.

١٨٣٨ - قلت: تجويز النقل بأن له بكل بلدة مالاً لا أصل له عندي، وإنما يظهر التعليل في الصورة المتقدمة بضرورة التبعيض لا غير، فإن لم يكن بدّ من تخريج المسألة الأخيرة على الخلاف، فلعل الأقرب في التعليل أن الزكاة وإن لم تتبعض في الصورة التي ذكرناها، فالغنم نامية، وهي سريعة المصير ترفّعاً إلى مبالغ يقتضي الحساب تشقيص واجبها على التفريق، وذاك يعسر ضبطه، فيجوز النقل لحسم هذا الإمكان.

ومما أقطع به تخريجاً على هذا التنبيه أنه لو كان للرجل عروض تجارة ببلد، وله مال تجارة ببلدة أخرى، ورأس المالين دراهم، فيجب القطع بأنه يخرج زكاة كل مال حيث هو، ولا يجوز النقل على منع (٣) النقل، فإن التبعيض لا وقع له في الدراهم بوجه، ولذلك لم يثبت عند الشافعي للدراهم وقص بعد الوجوب، وهذا ظاهر لا ريب فيه. فيظهر بهذا بطلان التعليل بأن له بكل بلدة عُلقة في الجنس الواحد الزكاتي.


(١) ساقطة من الأصل و (ط)، و (ك).
(٢) كذا في النسخ الخمس. والعبارة صحيحة مستقيمة، والمعنى واضح: أي بعد أن يلتزم عَدَمَ تعدي البلاد الأربع، وعدم التبعيض.
(٣) أي على القول بمنع النقل.