قال:"ولو قال للمصدق هذه وديعة، صَدَّقه ... إلى آخره"(١).
١٨٣٩ - إذا جاء الساعي يطلب صدقة ماشيته مثلاً، فقال من في يده المال: ليست الماشية لي، وإنما هي وديعة، وليس عندي حساب حولان الحول عليها، أو تفصيل أمرها، أو قال: هي وديعة لذميّ، أو قال: ما تمّ حولها بعدُ، أو قد أديت زكاتَها إلى ساع آخر، مرّ بنا، أو أزلتُ ملكي في أثناء الحول وانقطع الحول، فكيف السبيل إليه؟
فنقول: هذه الصورة تفرع لا محالة على أنه يتعيّن دفع زكاة الأموال الظاهرة إلى السلطان، فإذا جرى النزاع بين الساعي والمالك، وكان قول المالك يقتضي سقوطَ الطلب عنه لو صُدِّق، فظاهر نص الشافعي يقتضي أنه يُصدَّق، وقاعدة المذهب أن القول في جميع ذلك قولُ رب المال، وإن تُصوِّر في بعضها بصورة من يدعي إذا قال: قد أديت الزكاة.
وكأن السر فيه أنّا وإن قلنا: يتعين صرف الزكاة إلى الساعي، فالأصل قول رب المال، وهو الملتزِم، والزكاة تجب لله تعالى، ركناً في الإسلام، ولكن الشارع عيّن له نائباً، وأمره بصرف الزكاة إليه إقامةً لمصلحة كلية، فالقول إذاً قول رب المال في الوجوه التي ذكرناها.
١٨٤٠ - وإنما الكلام بعد تمهيد القاعدة في أنه هل يحلَّف أم لا؟ وكيف السبيل فيه لو عرضت عليه اليمين فنكل؟
فنقول: ما تحققتُه من الطرق أنه إذا كان الظاهر لا يكذِّب المالكَ، ولم يُتصور بصورة مدّعٍ، مثل أن يقول: ما تمّ حول هذا المال، أو وقع النزاع في سخال، وتاريخ ولادتها، فكان رب المال يقول: ما ولدت في الحول المنقضي، فلا زكاة فيها لحول أمهاتها، وإنما ولدت من بعدُ، فلا ظاهر يكذبه فيما ذكرناه.