للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١٨٤٩ - ويخرج من مضمون ذلك أن الوجه نفيُ إيجاب الاستحلاف؛ من جهة أن القضاء بالنكول عسر، وآل مآل الكلام، إلى أن موضع تسلّط الوالي في المطالبة بالزكاة، أن يعترف الرجل بالزكاة، فإذ ذاك يلزمه التسليم ظاهراً وباطناً، وإن أبى كاذباً عصى ربه باطناً، ولم يتسلط عليه الوالي.

١٨٥٠ - ومما يتعلق بإتمام الغرض أنا إذا منعنا نقل الزكاةِ، وكان مستحقو الزكاةِ محصورين في البقعة، وقد عُرضت اليمين على رب المال، فنكل، فقد قال كثير من أئمتنا: تُردّ اليمين على المستحقين، وهو الذي ذكره الصيدلاني، ووجهه بيّن؛ فإنا على قول منع النقل نوجب صرف الزكاة إليهم، ولا نجوّز حرمانَهم، فتعيَّنُوا للاستحقاق، ونزلوا منزلةَ من يستحق ديناً.

ومن أئمتنا من قال: لا ترد اليمين عليهم، وإن تعيَّنوا بسبب الانحصار ومَنع النقل، وهذا الوجه ذكره العراقيون، وهو في بعض تصانيف المراوزة، ووجه ذلك أنهم وإن تعيّنوا، فسببه انحصارهم، وإلا، فالزكاة تتعلق في قاعدة الشرع بالصفات، لا بالأعيان، ثم من يرى الرد عليهم، فإنما ذاك فيه إذا ادَّعَوْا، والقول في أن دعواهم هل تسمع، وهل لها وقع؟ يخرج عندي على أن اليمين هل ترد عليهم لو نكل رب المال.

ومما يخرج على هذا القانون أنا إذا رأينا الرد عليهم، ونزلناهم منزلة مستحقين متعينين للدَّين (١)، فقياس هذا أن تنقطع طلبة السلطان فيه، ويكون الأمر موقوفاً على دعواهم [ورفعهم] (٢) ربَّ المال إلى السلطان، فإن سكتوا، وهم أهل رشد لا يولى عليهم؛ فلا يبقى للسلطان في هذا تصرف وسلطنة، على سبيل الابتداء؛ فإن سلطانَه يثبت حيث يكون رأيُه متَّبعاً في الصرف إلى من رأى.

١٨٥١ - وقد ينقدح في هذا شيء، وهو أن المستحقين، وإن كانوا محصورين، [فلرب] (٣) المال أولاً (٤) ألاّ يسوي بين الفقراء، وهم ثلاثة مثلاً، بل يفضل بعضَهم.


(١) ساقطة من (ت ١).
(٢) في الأصل، و (ط) و (ك): فيرفعهم.
(٣) في الأصل، و (ط)، و (ك): فرب.
(٤) في (ط) و (ك): أولى.