للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيجوز أن يقال: هذا على قولنا بوجوب تسليم الزكاة إلى السطان، يتعلق برأي الوالي، ويزيد وينقص، وإن كان لا يَحْرِم، ثم ما يفوّض إلى الوالي لا يكون تخيُّراً من طريق التمني (١)، بل يرى رأيَه.

١٨٥٢ - وقد سمعت شيخي يقول: إذا منعنا النقل، وانحصر الفقراء، وزادوا على ثلاثة، فيجب صرف الحصة إليهم، ويجب التسوية بينهم، وإنما يجوز الاقتصار على الثلاثة، (٢ وتجوز المفاضلة عند خروجهم عن الضبط الممكن؛ فإن سبب جواز الاقتصار ٢) على الثلاثة أنهم أقل الجمع، ولا عدد بعده أولى من عدد، وسبب المفاضلة أن كل من أُعطي أقلَّ، فلو حُرم، لأمكن حرمانه بإقامة غيره مقامه، فأما إذا انحصروا، وامتنع النقل، وتيسر الاستغراق، فالوجه وجوب الصرف إليهم، مع رعاية التسوية.

والذي ذكره حسن منقاس إذا قلنا ترد اليمين عليهم، ويخرج عليه أنه لو مات منهم ميت، فحصته من الزكاة مصروفة إلى ورثته الأغنياء، إرثاً على فرائض الله تعالى، وكان شيخي يلتزم جميع ذلك.

١٨٥٣ - وفيه مستدرك عندي؛ من جهة أن الحاجات هي سبب الاستحقاق، وهي تختلف باختلاف الأشخاص: فرُب رجل تنسدُّ حاجته بمقدارٍ (٣)، وحاجة غيره لا تنسد بأضْعافه، فإطلاق التسوية مع ما ذكرناه، لا وجه له. نعم، لو كان المدفوع إليهم لا تنسد حاجتهم أصلاً، فإذ ذاك تتخيّل التسوية.

ثم هذا فيه شيء، وهو أن المستكفي في سِداد الحاجة بمقدارٍ قليل، وإن قصر المدفوع إليه عن كفافه، فهو أقرب إلى دفع الضرر عنه، بما يفرض مصروفاً إلى من لا تنسد حاجته إلا بالشيء الكثير، وللخبير في هذا تفكير.


(١) في (ت ٢): النهي.
(٢) ما بين القوسين ساقط من (ت ٢).
(٣) في الأصل، و (ط)، و (ك): "تنسد حاجته بمقدار حاجة غيره، وحاجة غيره لا تنسد بأضعافه".