للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومسنةً من صاحب الثلاثين، فإنهما يتراجعان كما نص الرسول صلى الله عليه وسلم، في الحديث الذي صدرنا الباب به، فيرجع صاحب الأربعين على صاحب الثلاثين بثلاثة أسباع تبيع، ويرجع صاحب الثلاثين على صاحب الأربعين بأربعة أسباع مسنة.

والرجوع بالقيمة، لا بعين التبيع والمسنة.

ولو أخذ الساعي المسنّةَ من صاحب الأربعين، والتبيعَ من صاحب الثلاثين؛ فإنهما يتراجعان، فيرجع صاحب الأربعين على صاحب الثلاثين بثلاثة أسباع مسنّة، وصاحب الثلاثين على صاحب الأربعين بأربعة أسباع تبيع، وليس لقائلٍ أن يقول: إذا أُخذت المسنة من الأربعين والتبيع من الثلاثين، فقد أخذ كلَّ سن من محله، فلا رجوع؛ وذلك أن المالين كالمال الواحد، والمسنة شائعة في جميع المال، وكذلك التبيع.

هكذا ذكره شيخي، والشيخ أبو بكر. والأمر كذلك.

وتحقيقه أن من ملك سبعين من البقر، وانفرد بملكه، فزكاة ماله مسنة وتبيع، (١ ثم لا نقول: المسنة في أربعين، والتبيع في ثلاثين؛ فإن الأربعين ليست متميزةً عن الثلاثين، ولكن واجب الجميع مسنة وتبيع ١)، فلا جزء من الجميع إلا وفيه جزء من مسنة وتبيع.

وبيان ذلك: أن الشرع إذا أوجب في مائتي درهم خمسةَ دراهم، فذاك [بنسبةٍ] (٢) من الجزئية معلومة، ففي النصاب رُبع عشر، وهو منبسط على الجميع، ففي كل جزء رُبع عشر، فإذا أوجب الشرع في أربعين شاةً شاة، فلا يتأتى في ذلك عبارة (٣) بالجزئية، مع اختلاف صفات الشياه، ولكنه في الحقيقة جزئية، ففي كل شاة ما يخصها من حساب شاة في أربعين. كذلك في كل بقرة ما يخصها من المسنة والتبيع، من حساب مسنة وتبيع في سبعين، فإذا كان كذلك، ومالا الخليطين كمال


(١) ما بين القوسين ساقط من (ت ٢).
(٢) في الأصل و (ط) و (ك): بنسبته، وفي (ت ٢): النسبة. والمثبت من (ت ١).
(٣) أي اعتبار.