ولم يصر أحد إلى تلفيق السَّوْم والعلف، حتى إذا جرى في أثناء العلف إسامة في سنة، لو لُفّق وجُمع، وجبت الزكاة. هذا لا قائل به.
١٩٦١ - ثم إذا ثبت تفصيل العلف المعتبر، فقد اختلف أئمتنا في أن القصد هل يعتبر في الإسامة والعلف، حتى يقال: إذا اتفقت إسامةُ المعلوفة من غير قصدٍ، لم تجب الزكاة، فإذا اعتلفت الماشية السائمة، من غير قصدٍ، لم تسقط الزكاة.
هذا ما ظهر فيه اختلاف الأصحاب، فإن لم يعتبر القصد، فالنظر إلى عين العلف.
ولو اعتبرنا القصد، فقد اختلف أصحابنا في معنى القصد، فذهب الأكثرون إلى أن معناه أن الماشية إذا اعتلفت وفاقاً، فهي سائمة. وإن علفها مالكها قصداً، أثر ذلك، على ما سبق التفصيل في مقدار العلف.
وذكر الشيخ أبو علي في شرح التلخيص وجهاً في معنى القصد، فقال: إن قصد المالك رد السائمة إلى العلف من السوم، فهذا يقطع -إذا جرى- الحولَ، وإن علفها قصداً، ولكن لم يقصد قطعَ السوم، فلا أثر له.
وبيانه أن الثلوج إذا تراكمت، وغطت المرعى، فلو ردَّ المالك الماشيةَ إلى العلف للعائق (١) الذي اتفق، وهو على عزْم الإسامة إذا تمكن، فهذا العلف لا يقطع الحول، وإن كثر واتفق مقصوداً، إذا لم يقصد قطعَ الإسامة.
فهذا منتهى القول في ذلك.
١٩٦٢ - وظهر اختلاف الأئمة في أن الغاصب لو أسام الماشية، أو علفها، فهل يختلف الحكم بإسامته وعلفه، أم يدام الحكم الذي كانت الماشية عليه في يد المالك؟ وهذا خرّجوه على أن القصد هل يعتبر في العلف والإسامة؟ وكان شيخي يقول: الخلاف في إسامة الغاصب ظاهر. فأما إذا علف الغاصب بعلفٍ من عنده، فالظاهر أن السوم لا ينقطع؛ إذ لا مؤنة على المالك بما جرى، وما يخرجه الغاصب غير محسوب.